ويكفي في أذانه إعلام نفسه، بخلاف أذان الإعلام، ويسن أن يرفع صوته؛ لخبر البخاري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة: أن أبا سعيد الخدري قال له: (إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة .. فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء .. إلا شهد له يوم القيامة، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: سمعت ما قلت لك بخطاب لي، كما فهمه الماوردي والإمام والغزالي، وأوردوه باللفظ الدال على ذلك؛ ليظهر الاستدلال به على أذان المنفرد ورفع صوته به، وقيل: إن ضمير (سمعته) لقوله: (لا يسمع ... ) إلى آخره.

واستثني من رفع صوته ما إذا أذن في مكان وقعت فيه جماعة، قال في "الروضة" و"أصلها": وانصرفوا؛ لئلا يتوهم السامعون دخول وقت صلاة أخرى.

(شرطهما: الولا، وترتيب ظهر ... وفي مؤذن: مميز ذكر)

(أسلم والمؤذن المرتب ... معرفة الأوقات لا المحتسب)

[شروط الأذان والإقامة]

أي: شرط الأذان والإقامة: الولاء والترتيب لهما؛ لأنهما جاءا كذلك في خبر مسلم وغيره، ولأن ترك كل منهما يوهم اللعب ويخل بالإعلام، فلو ترك الترتيب .. لم يصح، لكن يبني على المنتظم، والاستئناف أولى؛ إذ الولاء لم يصح، ولا يضر يسير سكوت؛ لأن مثله يقع للتنفس والاستراحة، ولا يسير الكلام؛ لأنه لا يخل بالغرض، ولا يسير نوم وإغماء، لكن يسن فيهما الاستئناف، وألا يتكلم ولو لمصلحة، فلو عطس .. حمد الله تعالى في نفسه وبنى، ولا يرد السلام، فلو رد أو شمت عاطساً أو تكلم لمصلحة .. لم يكره، ولو خاف وقوع أعمى في بئر، أو لدغ حية أو عقرب لغافل أو نحوهما .. وجب إنذاراه.

وشرط كل منهما أيضاً: عدم صدوره من شخصين، فلا يصح بناء غيره على ما أتى به وإن قصر الفصل واشتبها صوتاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015