[403] قَوْلُهُ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ بِالْمَدِّ وَالصَّرْفِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَيَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ وَعَدَمُ الصَّرْفِ وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ ظَاهِرَ الْمَدِينَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَسْجِدُ أَهْلِ قُبَاءَ فَفِيهِ مَجَازُ الْحَذْفِ وَاللَّامُ فِي النَّاسِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَالْمُرَادُ أَهْلُ قُبَاءَ وَمَنْ حَضَرَ مَعَهُمْ قَوْلُهُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلِمُسْلِمٍ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَهُوَ أَحَدُ أَسْمَائِهَا وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ كَرَاهِيَةَ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَهَذَا فِيهِ مُغَايَرَةٌ لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْجَوَابُ أَنْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَصَلَ وَقْتَ الْعَصْرِ إِلَى مَنْ هُوَ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ وَهُمْ بَنُو حَارِثَةَ وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَالْآتِي إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ أَو بن نَهِيكٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَوَصَلَ الْخَبَرُ وَقْتَ الصُّبْحِ إِلَى مَنْ هُوَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَهُمْ بَنُو عَمْرو بْنِ عَوْفٍ أَهْلُ قُبَاءٍ وَذَلِكَ فِي حَدِيث بن عُمَرَ وَلَمْ يُسَمَّ الْآتِي بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ بن طَاهِرٍ وَغَيْرُهُ نَقَلُوا أَنَّهُ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي حَقِّ بَنِي حَارِثَةَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنْ كَانَ مَا نَقَلُوا مَحْفُوظًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبَّادٌ أَتَى بَنِي حَارِثَةَ أَوَّلًا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى أَهْلِ قُبَاءٍ فَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِهِمَا أَنَّ مُسْلِمًا رَوَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَلَمَةَ مَرَّ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَهَذَا مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ بن عُمَرَ فِي تَعْيِينِ الصَّلَاةِ وَبَنُو سَلَمَةَ غَيْرُ بَنِي حَارِثَةَ قَوْلُهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ فِيهِ إِطْلَاقُ اللَّيْلَةِ عَلَى بَعْضِ الْيَوْمِ الْمَاضِي وَاللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِيهِ مَجَازًا وَالتَّنْكِيرُ فِي قَوْلِهِ قُرْآنٌ لِإِرَادَةِ الْبَعْضِيَّةِ وَالْمُرَادُ قَوْلُهُ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ الْآيَاتِ قَوْلُهُ وَقَدْ أُمِرَ فِيهِ أَنَّ مَا يُؤْمَرُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْزَمُ أُمَّتَهُ وَأَنَّ أَفْعَالَهُ يُتَأَسَّى بِهَا كَأَقْوَالِهِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ قَوْلُهُ فَاسْتَقْبَلُوهَا بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ لِلْأَكْثَرِ أَيْ فَتَحَوَّلُوا إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَفَاعِلُ اسْتَقْبَلُوهَا الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ وَهُمْ أَهْلُ قُبَاءٍ وَقَوْلُهُ وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَخْ تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي لِلتَّحَوُّلِ الْمَذْكُورِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ اسْتَقْبَلُوهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ وَضَمِيرُ وُجُوهِهِمْ لَهُمْ أَوْ لِأَهْلِ قُبَاءٍ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فَاسْتَقْبِلُوهَا بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَيَأْتِي فِي ضَمِيرِ وُجُوهِهِمُ الِاحْتِمَالَانِ الْمَذْكُورَانِ وَعَوْدِهِ إِلَى أَهْلِ قُبَاءٍ أَظْهَرُ وَيُرَجِّحُ رِوَايَةَ الْكَسْرِ أَنَّهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ أَلَا فَاسْتَقْبِلُوهَا فَدُخُولُ حَرْفِ الِاسْتِفْتَاحِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ أَمْرٌ لَا أَنَّهُ بَقِيَّةُ الْخَبَرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَوَقَعَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ التَّحَوُّلِ فِي حَدِيث ثويلة بنت أسلم عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ وَقَدْ ذَكَرْتُ بَعْضَهُ قَرِيبًا وَقَالَتْ فِيهِ فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَالرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015