لِكَوْنِهِ كَانَ يُكْثِرُ مُلَازَمَةَ عَقِيلٍ كَمَا وَقَعَ لمقسم مَعَ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَوَائِلِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْغُسْلِ فِي بَابِ التَّسَتُّرِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي صَلَاةِ الضُّحَى وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ هُنَا أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ وَصَفَتْ الِالْتِحَافَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ بِأَنَّهُ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ عَلَى الْعَاتِقَيْنِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلُ فَطَابَقَ التَّفْسِيرَ الْمُتَقَدِّمَ فِي التَّرْجَمَة قَوْله زعم بن أُمِّي هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ بن أَبِي وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى فَإِنَّهُ شَقِيقُهَا وَزعم هُنَا بِمَعْنَى ادَّعَى وَقَوْلُهَا قَاتَلَ رَجُلًا فِيهِ إِطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى التَّلَبُّس بِالْفِعْلِ قَوْلُهُ فُلَانَ بْنَ هُبَيْرَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِ أَوِ الرَّفْعِ عَلَى الْحَذْفِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي مُرَّةَ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ إِنِّي أَجَرْتُ حَمَوَيْنِ لِي قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ هُمَا جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ كَانَا فِيمَنْ قَاتَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَلَمْ يَقْبَلَا الْأَمَانَ فَأَجَارَتْهُمَا أُمُّ هَانِئٍ وَكَانَا مِنْ احمائها وَقَالَ بن الْجَوْزِيّ إِن كَانَ بن هُبَيْرَةَ مِنْهُمَا فَهُوَ جَعْدَةُ كَذَا قَالَ وَجَعْدَةُ مَعْدُودٌ فِيمَنْ لَهُ رُؤْيَةٌ وَلَمْ تَصِحَّ لَهُ صُحْبَةٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ فِي التَّابِعين البُخَارِيّ وبن حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا فَكَيْفَ يَتَهَيَّأُ لِمَنْ هَذِهِ سَبِيلُهُ فِي صِغَرِ السِّنِّ أَنْ يَكُونَ عَامَ الْفَتْحِ مُقَاتِلًا حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى الْأَمَانِ ثُمَّ لَوْ كَانَ وَلَدَ أُمِّ هَانِئٍ لَمْ يَهْتَمَّ عَلِيٌّ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ وَهَرَبَ زَوْجُهَا وَترك وَلَدهَا عِنْدهَا وَجوز بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِهُبَيْرَةَ مِنْ غَيْرِهَا مَعَ نَقْلِهِ عَنْ أَهْلِ النَّسَبِ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا لِهُبَيْرَةَ وَلَدًا مِنْ غَيْرِ أُمِّ هَانِئ وَجزم بن هِشَامٍ فِي تَهْذِيبِ السِّيرَةِ بِأَنَّ اللَّذَيْنِ أَجَارَتْهُمَا أُمُّ هَانِئٍ هُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَزُهَيْرُ بن أبي أُميَّة المخزوميان وروى الْأَزْرَقِيّ بِسَنَدٍ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ هَذَا أَنَّهُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هُبَيْرَةَ هَرَبَ عِنْدَ فَتْحِ مَكَّةَ إِلَى نَجْرَانَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُشْرِكًا حَتَّى مَاتَ كَذَا جزم بِهِ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ ذِكْرُهُ فِيمَنْ أَجَارَتْهُ أُمُّ هَانِئٍ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بكار فلَان بن هُبَيْرَةَ هُوَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ انْتَهَى وَقَدْ تُصُرِّفَ فِي كَلَامِ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الزُّبَيْرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَوْضِعُ فُلَانِ بْنِ هُبَيْرَةَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ حَذْفًا كَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ فلَان بن عَمِّ هُبَيْرَةَ فَسَقَطَ لَفْظُ عَمٍّ أَوْ كَانَ فِيهِ فُلَانُ قَرِيبُ هُبَيْرَةَ فَتَغَيَّرَ لَفْظُ قَرِيبٍ بِلَفْظ بن وَكُلٌّ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَزُهَيْرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ يَصح وَصفه بِأَنَّهُ بن عَمِّ هُبَيْرَةَ وَقَرِيبُهُ لِكَوْنِ الْجَمِيعِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمَانِ الْمَرْأَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
[358] قَوْلُهُ أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ لَكِنْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ السَّائِلَ ثَوْبَان قَوْله أَو لكلكم قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَفْظُهُ اسْتِخْبَارٌ وَمَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ قِلَّةِ الثِّيَابِ وَوَقَعَ فِي ضِمْنِهِ الْفَتْوَى مِنْ طَرِيقِ الْفَحْوَى كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا عَلِمْتُمْ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ وَالصَّلَاةَ لَازِمَة وَلَيْسَ لكل أحد مِنْكُمْ ثَوْبَانِ فَكَيْفَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ جَائِزَةٌ أَيْ مَعَ مُرَاعَاةِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِهِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ مَعْنَاهُ لَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ مَكْرُوهَةً فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَكُرِهَتْ لِمَنْ لَا يَجِدْ إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا انْتَهَى وَهَذِهِ الْمُلَازَمَةُ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْقَادِرِ وَغَيْرِهِ وَالسُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ عَنِ الْجَوَازِ وَعَدَمه لَا عَن الْكَرَاهَة