الْخِطَابِ زَجْرًا عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَلِيُحِثَّهُمْ عَلَى الْبَحْثِ عَنِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ قَوْلُهُ وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ أَيْ كَانَ أَكْثَرُنَا فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْلِكُ إِلَّا الثَّوْبَ الْوَاحِدَ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَ ثَوْبٍ ثَانٍ لِيُصَلِّيَ فِيهِ فَدَلَّ عَلَى الْجَوَازِ وَعَقَّبَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَهُ هَذَا بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ بَيَانُ الْجَوَازِ بِهِ أَوْقَعَ فِي النَّفْسِ لِكَوْنِهِ أَصْرَحَ فِي الرَّفْعِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَى الْكِرْمَانِيِّ فَقَالَ دَلَالَتُهُ أَيِ الْحَدِيثِ الْأَخِيرِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَهِيَ عَقْدُ الْإِزَارِ عَلَى الْقَفَا إِمَّا لِأَنَّهُ مَخْرُومٌ مِنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَيْ هُوَ طَرَفٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْغَالِبِ إِذْ لَوْلَا عَقْدُهُ عَلَى الْقَفَا لَمَا سَتَرَ الْعَوْرَةَ غَالِبًا اه وَلَوْ تَأَمَّلَ لَفْظَهُ وَسِيَاقَهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ لَعَرَفَ انْدِفَاعَ احْتِمَالَيْهِ فَإِنَّهُ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ لَا مِنَ السَّابِقِ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْغَلَبَةِ فَإِنَّ لَفْظَهُ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مُلْتَحِفًا بِهِ وَهِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى فِيمَا يَظْهَرُ كَانَ الثَّوْبُ فِيهَا وَاسِعًا فَالْتَحَفَ بِهِ وَكَانَ فِي الْأُولَى ضَيِّقًا فَعَقَدَهُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْصِيلَ قَرِيبًا فَائِدَةٌ كَانَ الْخِلَافُ فِي مَنْعِ جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِد قَدِيما روى بن أبي شيبَة عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ لَا تُصَلِّينَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ أَوْسَعَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَنسب بن بَطَّالٍ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى الْجَوَازِ
[353] قَوْله حَدثنَا مطرف هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَصَمُّ صَاحِبُ مَالِكٍ مَدَنِيٌّ هُوَ وَبَاقِي رِجَالِ إِسْنَادِهِ وَقَدْ شَارَكَ أَبَا مُصْعَبٍ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيَّ فِي صُحْبَةِ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ عَنْهُ وَفِي كُنْيَتِهِ لَكِنَّ أَحْمَدَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرَ من اسْمه ومطرف بِالْعَكْسِ
لَمَّا كَانَتِ الْأَحَادِيثُ الْمَاضِيَةُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ مُطْلَقَةً أَرْدَفَهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِحَالِ الضِّيقِ أَوْ بِحَالِ بَيَانِ الْجَوَازِ قَوْلُهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ أَيِ الَّذِي رَوَاهُ فِي الِالْتِحَافِ وَالْمُرَادُ إِمَّا حَدِيثُهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ أَوْ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْمُخَالِفُ إِلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ سَيَأْتِي حَدِيثُهَا مَوْصُولًا فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ عَنْهَا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ بِلَفْظِ الْمُعَلَّقِ