زَرِيرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ عَجَّلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ نَطْلُبُ الْمَاءَ وَدَلَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَلِيٌّ فَقَطْ لِأَنَّهُمَا خُوطِبَا بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ لَهُمَا فَيُتَّجَهُ إِطْلَاقُ لَفْظِ رَكْبٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَخُصَّا بِالْخِطَابِ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ بِالْإِرْسَالِ قَوْلُهُ فَابْتَغِيَا لِلْأَصِيلِيِّ فَابْغِيَا وَلِأَحْمَدَ فَأَبْغِيَانَا وَالْمُرَادُ الطَّلَبُ يُقَالُ ابْتَغِ الشَّيْءَ أَيْ تَطَلَّبْهُ وَابْغِ الشَّيْءَ أَيِ اطْلُبْهُ وَأَبْغِنِي أَيِ اطْلُبْ لِي وَفِيهِ الْجَرْيُ عَلَى الْعَادَةِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ دُونَ الْوُقُوفِ عِنْدَ خَرْقِهَا وَأَنَّ التَّسَبُّبَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي التَّوَكُّلِ قَوْلُهُ بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ الْمَزَادَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالزَّايِ قِرْبَةٌ كَبِيرَةٌ يُزَادُ فِيهَا جِلْدٌ مِنْ غَيْرِهَا وَتسَمى أَيْضا السطيحة وأو هُنَا شَكٌّ مِنْ عَوْفٍ لِخُلُوِّ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْهَا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَإِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ أَيْ مُدَلِّيَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الرَّاوِيَةُ قَوْلُهُ أَمْسِ خبر لمبتدأ وَهُوَ مبْنى على الْكسر وَهَذِه السَّاعَة بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة وَقَالَ بن مَالِكٍ أَصْلُهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ بَعْدَ حذف فِي قَوْله ونفرنا قَالَ بن سِيدَهْ النَّفَرُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَقِيلَ النَّفَرُ النَّاسُ عَنْ كَرَاعٍ قُلْتُ وَهُوَ اللَّائِقُ هُنَا لِأَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّ رِجَالَهَا تَخَلَّفُوا لِطَلَبِ الْمَاءِ وخلوف بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ جَمْعُ خَالِفٍ قَالَ بن فَارِسٍ الْخَالِفُ الْمُسْتَقِي وَيُقَالُ أَيْضًا لِمَنْ غَابَ وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ هُنَا أَيْ أَنَّ رِجَالَهَا غَابُوا عَنِ الْحَيِّ وَيَكُونُ قَوْلُهَا وَنَفَرْنَا خُلُوفٌ جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً زَائِدَةً عَلَى جَوَابِ السُّؤَالِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ وَنَفَرْنَا خُلُوفًا بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ السَّادة مسد الْخَبَر قَوْله الصابىء بِلَا هَمْزٍ أَيِ الْمَائِلُ وَيُرْوَى بِالْهَمْزِ مِنْ صَبَأَ صُبُوءًا أَيْ خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ لِلْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ فِيهِ أَدَبٌ حَسَنٌ وَلَوْ قَالَا لَهَا لَا لَفَاتَ الْمَقْصُودُ أَوْ نَعَمْ لَمْ يَحْسُنْ بِهِمَا إِذْ فِيهِ تَقْرِيرٌ ذَلِكَ فَتَخَلَّصَا أَحْسَنَ تَخَلُّصٍ وَفِيهِ جَوَازُ الْخَلْوَةِ بالاجنبيه فِي مثل هَذِه الْحَالة عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ قَوْلُهُ فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْمُتَقَدِّمِينَ إِنَّمَا أَخَذُوهَا وَاسْتَجَازُوا أَخْذَ مَائِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ كَافِرَةً حَرْبِيَّةً وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَهْدٌ فَضَرُورَةُ الْعَطَشِ تُبِيحُ لِلْمُسْلِمِ الْمَاءَ الْمَمْلُوكَ لِغَيْرِهِ عَلَى عِوَضٍ وَإِلَّا فَنَفْسُ الشَّارِعِ تُفْدَى بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ فَفَرَّغَ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَفْرَغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ زَادَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَتَمَضْمَضَ فِي الْمَاءِ وَأَعَادَهُ فِي أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ تَتَّضِحُ الْحِكْمَةُ فِي رَبْطِ الْأَفْوَاهِ بَعْدَ فَتْحِهَا وَإِطْلَاقِ الْأَفْوَاهِ هُنَا كَقَوْلِه تَعَالَى فقد صغت قُلُوبكُمَا إِذْ لَيْسَ لِكُلِّ مَزَادَةٍ سِوَى فَمٍ وَاحِدٍ وَعُرِفَ مِنْهَا أَنَّ الْبَرَكَةَ إِنَّمَا حَصَلَتْ بِمُشَارَكَةِ رِيقِهِ الطَّاهِرِ الْمُبَارَكِ لِلْمَاءِ قَوْلُهُ وَأَوْكَأَ أَيْ رَبَطَ وَقَوْلُهُ وَأَطْلَقَ أَيْ فَتَحَ وَالْعَزَالِي بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا جَمْعُ عَزْلَاءَ بِإِسْكَانِ الزَّايِ قَالَ الْخَلِيلُ هِيَ مَصَبُّ المَاء من الراوية وَلكُل مزادة عزلا وان مِنْ أَسْفَلِهَا قَوْلُهُ أَسْقُوا بِهَمْزَةِ قَطْعٍ مَفْتُوحَةٍ مِنْ أَسْقَى أَوْ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ مَكْسُورَةٍ مِنْ سَقَى وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ سَقَوْا غَيْرَهَمْ كَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا واستقواهم قَوْلُهُ وَكَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى بِنَصْبِ آخِرَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَأَنْ أَعْطَى اسْمُ كَانَ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنْ أَعْطَى الْخَبَرُ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مَعْرِفَةٌ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَا كَانَ جَوَاب قومه الْآيَةَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ مَصْلَحَةِ شُرْبِ الْآدَمِيِّ وَالْحَيَوَانِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ لِتَأْخِيرِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا عَمَّنْ سَقَى وَاسْتَقَى وَلَا يُقَالُ قَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَلْمِ بْنِ زَرِيرٍ غَيْرِ أَنَّا لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْإِبِلَ لم تكن