الرِّوَايَات تصويب مَا قَالَه بن التِّينِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ فِي تَعَدُّدِ السَّفَرِ عَلَى رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ صَرِيحَةٍ فِي ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عِقْدٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ كُلُّ مَا يُعْقَدُ وَيُعَلَّقُ فِي الْعُنُقِ وَيُسَمَّى قِلَادَةً كَمَا سَيَأْتِي وَفِي التَّفْسِيرِ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ قُرْبِهِمْ مِنَ الْمَدِينَةِ قَوْلُهُ عَلَى الْتِمَاسِهِ أَيْ لِأَجْلِ طَلَبِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَبْعُوثَ فِي طَلَبِهِ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَسَقَطَتِ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَاسْتُدِلَّ بِذَلِكَ على جَوَاز الاقامه فِي الْمَكَان الَّذِي لاماء فِيهِ وَكَذَا سلوك الطَّرِيق الَّتِي لاماء فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْهُمْ وَهُمْ عَلَى قَصْدِ دُخُولِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ بِعَدَمِ الْمَاءِ مَعَ الرَّكْبِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِأَنَّ الْمَكَانَ لَا مَاءَ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ أَيْ لِلْوُضُوءِ وَأَمَّا مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ لِلشُّرْبِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ لِجَوَازِ إِرْسَالِ الْمَطَرِ أَوْ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَقَعَ فِي مَوَاطِنَ أُخْرَى وَفِيهِ اعْتِنَاءُ الْإِمَامِ بِحِفْظِ حُقُوق الْمُسلمين وَأَن قلت فقد نقل بن بَطَّالٍ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ ثَمَنَ الْعِقْدِ الْمَذْكُورِ كَانَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَيَلْتَحِقُ بِتَحْصِيلِ الضَّائِعِ الْإِقَامَةُ لِلُحُوقِ الْمُنْقَطِعِ وَدَفْنُ الْمَيِّتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الرَّعِيَّةِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَرْكِ إِضَاعَةِ الْمَالِ قَوْلُهُ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِيهِ شَكْوَى الْمَرْأَةِ إِلَى أَبِيهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَكَأَنَّهُمْ إِنَّمَا شَكَوْا إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَائِمًا وَكَانُوا لَا يُوقِظُونَهُ وَفِيهِ نِسْبَةُ الْفِعْلِ إِلَى مَنْ كَانَ سَبَبًا فِيهِ لِقَوْلِهِمْ صَنَعَتْ وَأَقَامَتْ وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى ابْنتِهِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عِنْدَهَا إِذَا عَلِمَ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ حَالَةَ مُبَاشَرَةٍ قَوْلُهُ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلَادَةٍ أَيْ بِسَبَبِهَا وَسَيَأْتِي مِنَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا عَاتَبَهَا بِهِ قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تَكُونِينَ عَنَاءً وَالنُّكْتَةُ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ تَقُلْ أَبِي لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْأُبُوَّةِ الْحُنُوُّ وَمَا وَقَعَ مِنَ الْعِتَابِ بِالْقَوْلِ والتأديب بِالْفِعْلِ مُغَايِرٌ لِذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ فَلِذَلِكَ أَنْزَلَتْهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ فَلَمْ تَقُلْ أَبِي قَوْلُهُ يَطْعُنُنِي هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا هُوَ حِسِّيٌّ وَأَمَّا الْمَعْنَوِيُّ فَيُقَالُ يَطْعَنُ بِالْفَتْحِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِيهِمَا وَحُكِيَ فِيهِمَا الْفَتْحُ مَعًا فِي الْمَطَالِعِ وَغَيْرِهَا وَالضَّمُّ فِيهِمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْجَامِعِ وَفِيهِ تَأْدِيبُ الرَّجُلِ ابْنتَهُ وَلَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً كَبِيرَةً خَارِجَةً عَنْ بَيْتِهِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ تَأْدِيبُ مَنْ لَهُ تَأْدِيبُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ قَوْلُهُ فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الصَّبْرِ لِمَنْ نَالَهُ مَا يُوجِبُ الْحَرَكَةَ أَوْ يَحْصُلُ بِهِ تَشْوِيشٌ لِنَائِمٍ وَكَذَا لِمُصَلٍّ أَوْ قَارِئٍ أَوْ مُشْتَغِلٍ بِعِلْمٍ أَوْ ذِكْرٍ قَوْلُهُ فَقَامَ حِينَ أَصْبَحَ كَذَا أَوْرَدَهُ هُنَا وَأَوْرَدَهُ فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ فَنَامَ حَتَّى أَصْبَحَ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ وَرَوَاهُ الْمُوَطَّأُ وَالْمَعْنَى فِيهِمَا مُتَقَارِبٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِيَامَهُ مِنْ نَوْمِهِ كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى أَصْبَحَ بَيَانَ غَايَةِ النَّوْمِ إِلَى الصَّبَاحِ بَلْ بَيَانُ غَايَةِ فَقْدِ الْمَاءِ إِلَى الصَّبَاحِ لِأَنَّهُ قَيَّدَ قَوْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ بِقَوْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ أَيْ آلَ أَمْرُهُ إِلَى أَنْ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فَلَفْظُهَا ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ فَإِنْ أُعْرِبَتِ الْوَاوُ حَالِيَّةً كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِيقَاظَ وَقَعَ حَالَ وُجُودِ الصَّبَاحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ التَّهَجُّدِ فِي السَّفَرِ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ التَّهَجُّدَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ طَلَبَ الْمَاءِ لَا يَجِبُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتَمَسَ الْمَاءَ فَلَمْ يُوجَدْ وَعَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ قبل نزُول آيَة الْوضُوء وَلِهَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015