الِاغْتِسَالِ فَكَأَنَّهَا أَصْلٌ فِي الْبَابِ قَوْلُهُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ مِنَ الْأُولَى ابْتِدَائِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ بَيَانِيَّةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدَحٌ بَدَلًا من إِنَاء بتكرار حرف الْجَرّ وَقَالَ بن التِّينِ كَانَ هَذَا الْإِنَاءُ مِنْ شَبَهٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَفْظُهُ تَوْرٌ مِنْ شَبَهٍ قَوْلُهُ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ وَلِمَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ هُوَ الْفَرْقُ وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَيْ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ وَلِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنِ بن أَبِي ذِئْبٍ وَذَلِكَ الْقَدَحُ يَوْمَئِذٍ يُدْعَى الْفَرَقَ قَالَ بن التِّينِ الْفَرْقُ بِتَسْكِينِ الرَّاءِ وَرُوِّينَاهُ بِفَتْحِهَا وَجَوَّزَ بَعْضُهُمُ الْأَمْرَيْنِ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ وَغَيْرُهُ هُوَ بِالْفَتْحِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَزَعَمَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُمَا لُغَتَانِ قُلْتُ لَعَلَّ مُسْتَنَدَ الْبَاجِيِّ مَا حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ الْفَرَقُ بِالْفَتْحِ وَالْمُحَدِّثُونَ يُسَكِّنُونَهُ وَكَلَامُ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ انْتهى وَقد حكى الاسكان أَبُو زيد وبن دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالَّذِي فِي روايتنا هُوَ الْفَتْح وَالله أعلم وَحكى بن الْأَثِيرِ أَنَّ الْفَرَقَ بِالْفَتْحِ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَبِالْإِسْكَانِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَهُوَ غَرِيبٌ وَأَمَّا مِقْدَاره فَعِنْدَ مُسلم فِي آخر رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ سُفْيَان يَعْنِي بن عُيَيْنَةَ الْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَكَذَا قَالَ الْجَمَاهِيرُ وَقِيلَ الْفَرَقُ صَاعَانِ لَكِنْ نَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَعَلَى أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِلَّا فَقَدَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ إِنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَتَمَسَّكُوا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ حَزَرَ الْإِنَاءَ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْحَزْرَ لَا يُعَارَضُ بِهِ التَّحْدِيدُ وَأَيْضًا فَلِمَ يُصَرح مُجَاهِدٌ بِأَنَّ الْإِنَاءَ الْمَذْكُورَ صَاعٌ فَيُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَوَانِي مَعَ تَقَارُبِهَا وَيُؤَيِّدُ كَوْنَ الْفَرَقِ ثَلَاثَة آصَع مَا رَوَاهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ قَدْرُ سِتَّةِ أَقْسَاطٍ وَالْقِسْطُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ نِصْفُ صَاعٍ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا فَصَحَّ أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَتَوَسَّطَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ الصَّاعُ الَّذِي لِمَاءِ الْغُسْلِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَالَّذِي لِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَغَيْرِهَا خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَبَاحِثُ الْمَتْنِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الدَّاوُدِيُّ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى عَوْرَةِ امْرَأَتِهِ وَعَكسه وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً فَقَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرَتْ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ الْغُسْلِ بِالصَّاعِ)

أَيْ بِمِلْءِ الصَّاعِ وَنَحْوِهِ أَيْ مَا يُقَارِبُهُ وَالصَّاعُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015