عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَاءِ الَّذِي لَا يَجْرِي فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ بَوْلِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَبُولَ فِي الْمَاءِ أَوْ يَبُولَ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ يَصُبَّهُ فِيهِ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي حَدِّ الْقَلِيلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ إِلَّا التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنَّ الْفَصْلَ بِالْقُلَّتَيْنِ أَقْوَى لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ وَقَدِ اعْتَرَفَ الطَّحَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ اعْتَذَرَ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ بِأَنَّ الْقُلَّةَ فِي الْعُرْفِ تُطْلَقُ عَلَى الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ كَالْجَرَّةِ وَلَمْ يَثْبُتْ مِنَ الْحَدِيثِ تَقْدِيرُهُمَا فَيكون مُجملا فَلَا يعْمل بِهِ وَقواهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَكِنِ اسْتَدَلَّ لَهُ غَيْرُهُمَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ الْمُرَادُ الْقُلَّةُ الْكَبِيرَةُ إِذْ لَوْ أَرَادَ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ الْعَدَدِ فَإِنَّ الصَّغِيرَتَيْنِ قَدْرُ وَاحِدَةٍ كَبِيرَةٍ وَيُرْجَعُ فِي الْكَبِيرَةِ إِلَى الْعُرْفِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَ تَحْدِيدَهُمَا عَلَى سَبِيلِ التَّوْسِعَةِ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّهُ مَا خَاطَبَ الصَّحَابَةَ إِلَّا بِمَا يَفْهَمُونَ فَانْتَفَى الْإِجْمَالُ لَكِنْ لِعَدَمِ التَّحْدِيدِ وَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَ السَّلَفِ فِي مِقْدَارِهِمَا عَلَى تِسْعَةِ أَقْوَالٍ حَكَاهَا بن الْمُنْذِرِ ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْدِيدُهُمَا بِالْأَرْطَالِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاقِينَ فِي الْكَثِيرِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُمكن حمله علىالتحريم مُطْلَقًا عَلَى قَاعِدَةِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى تَنْجِيسِ الْمَاءِ قَوْلُهُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ كَذَا هُنَا وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ وَكَذَا لمُسلم من طَرِيق بن سِيرِينَ وَكُلٌّ مِنَ اللَّفْظَيْنِ يُفِيدُ حُكْمًا بِالنَّصِّ وَحكما بالاستنباط قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِلَفْظِ فِيهِ تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الِانْغِمَاسِ بِالنَّصِّ وَعَلَى مَنْعِ التَّنَاوُلِ بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالرِّوَايَةَ بِلَفْظِ مِنْهُ بِعَكْسِ ذَلِكَ وَكُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَة وَالله أعلم
بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شَيْءٌ نَجِسٌ أَوْ جِيفَةٌ أَيْ مَيْتَةٌ لَهَا رَائِحَةٌ قَوْلُهُ لَمْ تَفْسُدْ مَحَلُّهُ مَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَتَمَادَى وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا عَلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَنْعِ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ مَا يَطْرَأُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ صَنِيعُ الصَّحَابِيِّ الَّذِي اسْتَمَرَّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ أَنْ سَالَتْ مِنْهُ الدِّمَاءُ بِرَمْيِ مَنْ رَمَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنْ جَابِرٍ بِذَلِكَ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ قَوْله وَكَانَ بن عمر هَذَا الْأَثر وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَرَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضَعَهُ وَضَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ خَرَجَ فَغَسَلَهُ ثُمَّ جَاءَ فَيَبْنِي عَلَى مَا كَانَ صَلَّى وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَقَيَّدَهَا مَالِكٌ بِالْوَقْتِ فَإِنْ خَرَجَ فَلَا قَضَاءَ وَفِيهِ بَحْثٌ يَطُولُ وَاسْتُدِلَّ لِلْأَوَّلِينَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ بن خُزَيْمَة وَله شَاهد من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ إِعَادَةً وَهُوَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ