يُبَاشِرُونَهَا فِي صَلَاتِهِمْ فَلَا تَكُونُ نَجِسَةً وَنُوزِعَ مَنِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ الْحَائِلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ عَلَى حَائِلٍ دُونَ الْأَرْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إِنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إِلَى أَصْلٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ فِي دَارِهِمْ وَصَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي على الْخمْرَة وَقَالَ بن حَزْمٍ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ فَاقْتَضَى أَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُطَيَّبَ وَتُنَظَّفَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَزَادَ وَأَنْ نُطَهِّرَهَا قَالَ وَهَذَا بَعْدَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ النَّسْخِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ ثُمَّ الْمَنْعَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إِذْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ ثَابِتٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ نَعَمْ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَرَابِضَ لَكِنْ فِيهِ أَيْضًا النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَلَو اقْتَضَى الْإِذْنُ الطِّهَارَةَ لَاقْتَضَى النَّهْيُ التَّنْجِيسَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْفَرْقِ لَكِنَّ الْمَعْنَى فِي الْإِذْنِ وَالنَّهْيِ بِشَيْءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ وَلَا النَّجَاسَةِ وَهُوَ أَنَّ الْغَنَمَ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ وَالْإِبِلَ خُلِقَتْ من الشَّيَاطِين وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ)

أَيْ هَلْ يُنَجِّسُهُمَا أَمْ لَا أَوْ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ إِلَّا إِذَا تَغَيَّرَ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ مِنْ أَثَرٍ وَحَدِيث قَوْله وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَصله بن وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ عَنْ يُونُسَ عَنْهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَمْرٍو وَهُوَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِالْمَاءِ أَيْ لَا حَرَجَ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَيْ مِنْ شَيْءٍ نَجِسٍ أَوْ رِيحٍ مِنْهُ أَوْ لَوْنٍ وَلَفْظُ يُونُسَ عَنْهُ كُلُّ مَا فِيهِ قُوَّةٌ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنَ الْأَذَى حَتَّى لَا يُغَيِّرَ ذَلِكَ طَعْمَهُ وَلَا رِيحَهُ وَلَا لَوْنَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إِلَّا بِالْقُوَّةِ الْمَانِعَةِ لِلْمُلَاقِي أَنْ يُغَيِّرَ أَحَدٌ أَوْصَافَهُ فَالْعِبْرَةُ عِنْدَهُ بِالتَّغَيُّرِ وَعَدَمِهِ وَمَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ هَذَا صَارَ إِلَيْهِ طَوَائِفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَالَ فِي إِبْرِيقٍ وَلَمْ يُغَيِّرْ لِلْمَاءِ وَصْفًا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَهُوَ مُسْتَبْشَعٌ وَلِهَذَا نَصَرَ قَوْلَ التَّفْرِيقِ بِالْقُلَّتَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ فِي إِسْنَادِهِ لَكِنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا أَنَّ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ وَاعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيُّ بِخَمْسِ قِرَبٍ مِنْ قِرَبِ الْحجاز احْتِيَاطًا وخصص بِهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَهُوَ حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الْأَرْبَعَة وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِلْقَوْلِ فِي هَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ هَذَا وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ لَكِنْ لَا أَعْلَمُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا يَعْنِي فِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ إِذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِالنَّجَاسَةِ وَالْحَدِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ أخرجه بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَفِيهِ اضْطِرَابٌ أَيْضًا قَوْلُهُ وَقَالَ حَمَّادٌ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015