الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ قَالَ وَهُوَ الْبِرْسَامُ أَيْ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ سُرْيَانِيٌّ مُعَرَّبٌ أُطْلِقَ عَلَى اخْتِلَالِ الْعَقْلِ وَعَلَى وَرَمِ الرَّأْسِ وَعَلَى وَرَمِ الصَّدْرِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَخِيرُ فَعِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَعَظُمَتْ بُطُونُهُمْ قَوْلُهُ فَأَمَرَهُمْ بِلِقَاحٍ أَيْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِهَا وَلِلْمُصَنِّفِ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ وَلَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمَّادٍ فَأَمَرَ لَهُمْ بِلِقَاحٍ بِزِيَادَةِ اللَّامِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً أَوْ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ لِشِبْهِ الْمِلْكِ أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ وَلَيْسَتْ لِلتَّمْلِيكِ وَعِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الَّتِي أَخْرَجَ مُسْلِمٌ إسنادها إِنَّهُم بدؤوا بِطَلَبِ الْخُرُوجِ إِلَى اللِّقَاحِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَقَعَ هَذَا الْوَجَعُ فَلَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَخَرَجْنَا إِلَى الْإِبِلِ وَلِلْمُصَنِّفِ مِنْ رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْغِنَا رِسْلًا أَيِ اطْلُبْ لَنَا لَبَنًا قَالَ مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلَّا أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي رَجَاءٍ هَذِهِ نَعَمٌ لَنَا تَخْرُجُ فَاخْرُجُوا فِيهَا وَاللِّقَاحُ بِاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ وَالْقَافِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ النُّوقُ ذَوَاتُ الْأَلْبَانِ وَاحِدُهَا لِقْحَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ هِيَ لَبُونٌ وَظَاهِرُ مَا مَضَى أَنَّ اللِّقَاحَ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحَارِبِينَ عَنْ مُوسَى عَنْ وُهَيْبٍ بِسَنَدِهِ فَقَالَ إِلَّا أَنْ تَلْحَقُوا بِإِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَدِهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ وَكَذَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إِبِلَ الصَّدَقَةِ كَانَتْ تَرْعَى خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَصَادَفَ بَعْثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحِهِ إِلَى الْمَرْعَى طَلَبَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الْخُرُوجَ إِلَى الصَّحْرَاءِ لِشُرْبِ أَلْبَانِ الْإِبِلِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَ رَاعِيهِ فَخَرَجُوا مَعَهُ إِلَى الْإِبِلِ فَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا وَظَهَرَ بِذَلِكَ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمَدِينَةَ تَنْفِي خَبَثَهَا وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعه وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّ عَدَدَ لِقَاحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَنَّهُمْ نَحَرُوا مِنْهَا وَاحِدَةً يُقَالُ لَهَا الْحِنَّاءُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُتَابِعٌ لِلْوَاقِدِيِّ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ فِي الْمَغَازِي بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مُرْسَلٍ قَوْلُهُ وَأَنْ يَشْرَبُوا أَيْ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا وَلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي رَجَاءٍ فَاخْرُجُوا فَاشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا الصَّدَقَةَ فَيَشْرَبُوا فَأَمَّا شُرْبُهُمْ أَلْبَانَ الصَّدَقَةِ فَلِأَنَّهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَأَمَّا شُرْبُهُمْ لَبَنَ لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِإِذْنِهِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا شُرْبُهُمْ الْبَوْلَ فَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ أَمَّا مِنَ الْإِبِلِ فَبِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَطَائِفَةٍ مِنَ السّلف وَوَافَقَهُمْ من الشَّافِعِيَّة بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذر وبن حبَان والاصطخرى وَالرُّويَانِيّ وَذهب الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور الىالقول بِنَجَاسَةِ الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ كُلُّهَا مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيره وَاحْتج بن الْمُنْذِرِ لِقَوْلِهِ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تَثْبُتَ النَّجَاسَةُ قَالَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا خَاص باولئك الأقوام فَلم يُصِبْ إِذِ الْخَصَائِصُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ قَالَ وَفِي تَرْكِ أَهْلِ الْعِلْمِ بَيْعَ النَّاسِ أَبْعَارَ الْغَنَمِ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَاسْتِعْمَالَ أَبْوَالِ الْإِبِلِ فِي أَدْوِيَتِهِمْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَتِهَا قُلْتُ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَا يَجِبُ إِنْكَارُهُ فَلَا يَدُلُّ تَرْكُ إِنْكَارِهِ عَلَى جَوَازِهِ فَضْلًا عَنْ طَهَارَتِهِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى نَجَاسَةِ الْأَبْوَالِ كُلِّهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَعُورِضُوا بِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ فِي شُرْبِهَا لِلتَّدَاوِي وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّدَاوِيَ لَيْسَ حَالَ ضَرُورَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فَكَيْفَ يُبَاحُ الْحَرَامُ لِمَا لَا يَجِبُ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَيْسَ حَالَ ضَرُورَةٍ بَلْ هُوَ حَالُ ضَرُورَةٍ إِذَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى خَبَرِهِ وَمَا أُبِيحُ لِلضَّرُورَةِ لَا يُسَمَّى حَرَامًا وَقْتَ تَنَاوُلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حرم عَلَيْكُم الا مَا اضطررتم إِلَيْهِ فَمَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ الْمَرْءُ فَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015