لَهُمْ لِمَ نَهَيْتُمُ الْأَعْرَابِيَّ بَلْ أَمَرَهُمْ بِالْكَفِّ عَنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَهُوَ دَفْعُ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِمَا وَتَحْصِيلُ أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ بِتَرْكِ أَيْسَرِهِمَا وَفِيهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى إِزَالَةِ الْمَفَاسِدِ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِأَمْرِهِمْ عِنْدَ فَرَاغِهِ بِصَبِّ الْمَاءِ وَفِيهِ تَعْيِينُ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْجَفَافَ بِالرِّيحِ أَوِ الشَّمْسِ لَوْ كَانَ يَكْفِي لَمَا حَصَلَ التَّكْلِيفُ بِطَلَبِ الدَّلْوِ وَفِيهِ أَنَّ غُسَالَةُ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةَ عَلَى الْأَرْضِ طَاهِرَةٌ وَيَلْتَحِقُ بِهِ غَيْرُ الْوَاقِعَةِ لِأَنَّ الْبَلَّةَ الْبَاقِيَةَ عَلَى الْأَرْضِ غُسَالَةُ نَجَاسَةٍ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ التُّرَابَ نُقِلَ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ التَّطْهِيرُ تَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ الْبَلَّةِ وَإِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَالْمُنْفَصِلَةُ أَيْضًا مِثْلُهَا لِعَدَمِ الْفَارِقِ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نُضُوبِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَوِ اشْتُرِطَ لَتَوَقَّفَتْ طَهَارَةُ الْأَرْضِ عَلَى الْجَفَافِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ عَصْرُ الثَّوْبِ إِذْ لَا فَارِقَ قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ الْأَوْلَى الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الصَّبِّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ شَيْئًا وَفِيهِ الرِّفْقُ بِالْجَاهِلِ وَتَعْلِيمُهُ مايلزمه مِنْ غَيْرِ تَعْنِيفٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ عِنَادًا وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْلَافِهِ وَفِيهِ رَأْفَةُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحسن خلقه قَالَ بن ماجة وبن حِبَّانَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدَ أَنْ فُقِّهَ فِي الْإِسْلَامِ فَقَامَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَلَمْ يُؤَنِّبْ وَلَمْ يَسُبَّ وَفِيهِ تَعْظِيمُ الْمَسْجِدِ وَتَنْزِيهُهُ عَنِ الْأَقْذَارِ وَظَاهِرُ الْحَصْرِ مِنْ سِيَاقِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْحَصْرِ مِنْهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَنَّ الْأَرْضَ تَطْهُرُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ حَفْرُهَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا لَا تَطْهُرُ إِلَّا بِحَفْرِهَا كَذَا أَطْلَقَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَذْكُور فِي كتب الْحَنَفِيَّة التَّفْصِيل بَين مَا إِذَا كَانَتْ رَخْوَةً بِحَيْثُ يَتَخَلَّلُهَا الْمَاءُ حَتَّى يَغْمُرَهَا فَهَذِهِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى حَفْرٍ وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَتْ صُلْبَةً فَلَا بُدَّ مِنْ حَفْرِهَا وَإِلْقَاءِ التُّرَابِ لِأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَغْمُرْ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا وَاحْتَجُّوا فِيهِ بِحَدِيثٍ جَاءَ مِنْ ثَلَاث طرق أَحدهَا مَوْصُول عَن بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ لَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ قَالَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَالْآخَرَانِ مُرْسَلَانِ أَخْرَجَ أَحَدَهُمَا أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَالْآخَرُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ وَهُوَ يَلْزَمُ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ مُطْلَقًا وَكَذَا مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ إِذَا اعْتَضَدَ مُطْلَقًا وَالشَّافِعِيُّ إِنَّمَا يَعْتَضِدُ عِنْدَهُ إِذَا كَانَ مِنْ رِوَايَةِ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَكَانَ مَنْ أَرْسَلَ إِذَا سَمَّى لَا يُسَمِّي إِلَّا ثِقَةً وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْمُرْسَلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ سَنَدَيْهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي بَاقِي فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

بِكَسْرِ الصَّادِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا جَمْعُ صَبِيٍّ أَيْ مَا حُكْمُهُ وَهَلْ يَلْتَحِقُ بِهِ بَوْلُ الصَّبَايَا جَمْعُ صَبِيَّةٍ أَمْ لَا وَفِي الْفَرْقِ أَحَادِيثُ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِ الْمُصَنِّفِ مِنْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي بَوْلِ الرَّضِيعِ يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيَّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَرْبِ بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015