بْنُ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ حَنَاجِرَهُمْ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ مِنْ كِتَابِ التَّوْحِيدِ قَوْلُهُ قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ عَلَامَتُهُمْ وَالسَّائِلُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ قَوْلُهُ التَّحْلِيقُ أَوْ قَالَ التَّسْبِيدُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بِمَعْنَى التَّحْلِيقِ وَقِيلَ أَبْلَغُ مِنْهُ وَهُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِئْصَالِ وَقِيلَ إِنْ نَبَتَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَقِيلَ هُوَ تَرْكُ دَهْنِ الشَّعْرِ وَغَسْلُهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِيهِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْعَلَامَةِ وُجُودُ ذِي الْعَلَامَةِ فَيَسْتَلْزِمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَهُوَ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ اتِّفَاقًا ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ السَّلَفَ كَانُوا لَا يَحْلِقُونَ رؤوسهم إِلَّا لِلنُّسُكِ أَوْ فِي الْحَاجَةِ وَالْخَوَارِجُ اتَّخَذُوهُ دَيْدَنًا فَصَارَ شِعَارًا لَهُمْ وَعُرِفُوا بِهِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَلْقُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَجَمِيعُ شُعُورِهِمْ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِفْرَاطُ فِي الْقَتْلِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ فِي أَمْرِ الدِّيَانَةِ قُلْتُ الْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالثَّانِي مُحْتَمَلٌ لَكِنَّ طُرُقَ الْحَدِيثِ الْمُتَكَاثِرَةِ كَالصَّرِيحَةِ فِي إِرَادَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ لِابْنِ بَطَّالٍ فِي وَصْفِ الْخَوَارِجِ خَبْطٌ أَرَدْتُ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي قَوْمٍ عَرَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِبِدْعَتِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ بِالنَّهْرَوَانِ حِينَ قَالُوا إِنَّكَ رَبُّنَا فَاغْتَاظَ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ بِهِمْ فَحُرِّقُوا بِالنَّارِ فَزَادَهُمْ ذَلِكَ فِتْنَةً وَقَالُوا الْآنَ تَيَقَّنَّا أَنَّكَ رَبُّنَا إِذْ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا اللَّهُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ لِعَلِيٍّ فِي الْفِتَنِ وَلَيْسَتْ لِلْخَوَارِجِ وَإِنَّمَا هِيَ لِلزَّنَادِقَةِ كَمَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ لِلرَّافِعِيِّ عِنْدَ ذِكْرِ الْخَوَارِجِ قَالَ هُمْ فِرْقَةٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ حَيْثُ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ لِرِضَاهُ بِقَتْلِهِ وَمُوَاطَأَتِهِ إِيَّاهُمْ وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً فَقَدْ كَفَرَ وَاسْتَحَقَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ وَيَطْعَنُونَ لِذَلِكَ فِي الْأَئِمَّةِ انْتَهَى وَلَيْسَ الْوَصْفُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ وَصْفَ الْخَوَارِجِ الْمُبْتَدِعَةِ وَإِنَّمَا هُوَ وَصْفُ النَّوَاصِبِ أَتْبَاعِ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَمِنْ مُعْتَقَدِهِمْ تَكْفِيرُ عُثْمَانَ وَأَنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ وَلَمْ يَزَالُوا مَعَ عَلِيٍّ حَتَّى وَقَعَ التَّحْكِيمُ بِصِفِّينَ فَأَنْكَرُوا التَّحْكِيمَ وَخَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ وَكَفَّرُوهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِمْ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الْفِتَنِ
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِأَكْثَرِهِمْ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْمَوَازِينُ جَمْعُ مِيزَانٍ وَأَصْلُهُ مِوْزَانٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكِسْرَةِ مَا قَبْلَهَا وَاخْتُلِفَ فِي ذِكْرِهِ هُنَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ هَلِ الْمُرَادُ أَنَّ لِكُلِّ شَخْصٍ مِيزَانًا أَوْ لِكُلِّ عَمَلٍ مِيزَانٌ فَيَكُونُ الْجَمْعُ حَقِيقَةً أَوْ لَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا مِيزَانٌ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْأَعْمَالِ أَوِ الْأَشْخَاصِ وَيَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْأَعْمَالِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ خفت مَوَازِينه وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ