وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا السَّنَدِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ حَدِيثٌ آخَرُ وَقَدْ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِأَنَّ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَ فِيهِ هُوَ بن مَنْصُورٍ وَتَكَلَّمْتُ عَلَى سَنَدِهِ هُنَاكَ وَهُوَ فِي بَاب الْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الْإِنْسَانِ قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا كَذَا هُنَا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَفِي رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِيَةِ فِي الْأَدَبِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ وَفِي الْأَوَّلُ إِشَارَةٌ إِلَى سَبْقِ الْمَحَبَّةِ عَلَى النِّدَاءِ وَفِي الثَّانِي إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي تَعْبِيرِهِ عَنْ كَثْرَةِ الْإِحْسَانِ بِالْحُبِّ تَأْنِيسُ الْعِبَادِ وَإِدْخَالُ الْمَسَرَّةِ عَلَيْهِم لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَمِعَ عَنْ مَوْلَاهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ حَصَلَ عَلَى أَعْلَى السُّرُورِ عِنْدَهُ وَتَحَقَّقَ بِكُلِّ خَيْرٍ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى لِمَنْ فِي طَبْعِهِ فُتُوَّةٌ وَمُرُوءَةٌ وَحُسْنُ إِنَابَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ ينيب وَأَمَّا مَنْ فِي نَفْسِهِ رُعُونَةٌ وَلَهُ شَهْوَةٌ غَالِبَةٌ فَلَا يَرُدُّهُ إِلَّا الزَّجْرُ بِالتَّعْنِيفِ وَالضَّرْبِ قَالَ وَفِي تَقْدِيمِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ لِجِبْرِيلَ قَبْلَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِظْهَارٌ لِرَفِيعِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُمْ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى تَوْفِيَةِ أَعْمَالِ الْبِرِّ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا فَرْضِهَا وَسُنَّتِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا كَثْرَةُ التَّحْذِيرِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْبِدَعِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ السَّخَطِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ
[7486] قَوْلُهُ فِيهِ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ أَيْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ الْمَذْكُورَةِ هُنَا التَّصْرِيحُ بِتَسْمِيَةِ الَّذِي يَسْأَلُ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظِ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ أَيْضًا وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاةِ مَالك حذفهَا وَوَقع عِنْد بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَقَدْ ذَكَرْتُ لَفْظَهُ هُنَاكَ وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْعُرُوجِ فِي بَابِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ قَرِيبًا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ
[7487] قَوْلُهُ عَنْ وَاصِلٍ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْأَحْدَبِ وَالْمَعْرُورِ بِمُهْمَلَاتٍ قَوْلُهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَإِنْ سَرَقَ وَزَنَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِي مُنَاسَبَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ غُمُوضٌ وَكَأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ جِبْرِيلَ إِنَّمَا يُبَشِّرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرٍ يَتَلَقَّاهُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ لَهُ بَشِّرْ مُحَمَّدًا بِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِهِ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ فبشره بذلك