الشَّخْصِ يَعْنِي فِي اللُّغَةِ لِجِرْمِ الْإِنْسَانِ وَجِسْمِهِ يُقَالُ شَخْصُ فُلَانٍ وَجُثْمَانِهِ وَاسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ظَاهِرٍ يُقَالُ شَخَصَ الشَّيْءُ إِذَا ظَهَرَ وَهَذَا الْمَعْنَى مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا مُرْتَفِعَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَهُوَ أَشْبَهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَا مَوْجُودَ أَوْ لَا أَحَدَ وَهُوَ أَحْسَنُهَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَكَأَنَّ لَفْظَ الشَّخْصِ أُطْلِقَ مُبَالَغَةً فِي إِثْبَاتِ إِيمَانِ مَنْ يَتَعَذَّرُ عَلَى فَهْمِهِ مَوْجُودٌ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْجُودَاتِ لِئَلَّا يُفْضِيَ بِهِ ذَلِكَ إِلَى النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَارِيَةِ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَحَكَمَ بِإِيمَانِهَا مَخَافَةَ أَنْ تَقَعَ فِي التَّعْطِيلِ لِقُصُورِ فَهْمِهَا عَمَّا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ تَنْزِيهِهِ مِمَّا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا تَنْبِيهٌ لَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ لأطلاق الشَّخْصِ عَلَى اللَّهِ بَلْ أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِمَالِ وَقَدْ جَزَمَ فِي الَّذِي بَعْدَهُ فَتَسْمِيَتُهُ شَيْئًا لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْآيَتَيْنِ
(قَوْلُهُ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَة قل الله فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْقَابِسِيِّ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابٌ لِغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ وَسَقَطَتِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَذَكَرَ قَوْلَهُ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بَعْدَ أَثَرَيْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أكبر شَهَادَة سمى الله نَفسه شَيْئا قل الله وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَتَوْجِيهُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ لَفْظَ أَيُّ إِذَا جَاءَتِ اسْتِفْهَامِيَّةً اقْتَضَى الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَ بِاسْمِ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ شَيْئًا وَتَكُونَ الْجَلَالَةُ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ اللَّهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً مَحْذُوفَ الْخَبَرِ وَالتَّقْدِيرُ اللَّهُ أَكْبَرُ شَهَادَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ شَيْئًا وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ يُشِيرُ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَفِيهِ أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي قِصَّةِ الْوَاهِبَةِ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ قُرْآنٌ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ شَيْئًا قَوْلُهُ وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ الا وَجهه الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِلْمَطْلُوبِ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا مُتَّصِلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي انْدِرَاجَ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ شَيْءٍ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الْجُمْلَةِ بِأَشْهَرِ مَا فِيهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْوَجْهِ مَا يُعْمَلُ لِأَجْلِ اللَّهِ أَوِ الْجَاهُ وَقِيلَ إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَالتَّقْدِيرُ لَكِنْ هُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَهْلِكُ وَالشَّيْءُ يُسَاوِي الْمَوْجُودَ لُغَةً وَعُرْفًا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فُلَانٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ فَلذَلِك وَصفه بِصفة الْمَعْدُوم وَأَشَارَ بن بَطَّالٍ إِلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ انْتَزَعَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى الْمَكِّيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْحَيْدَةِ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا إِثْبَاتًا لِوُجُودِهِ وَنَفْيًا لِلْعَدَمِ عَنْهُ وَكَذَا أَجْرَى عَلَى