عباده وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات فَالْعُذْرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ كَذَا قَالَ وَقَالَ عِيَاضٌ الْمَعْنَى بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ لِخَلْقِهِ قَبْلَ أَخْذِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بعد الرُّسُل وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَعَانِي قَالَ إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ عَقِبَ قَوْلِهِ لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ مُنَبِّهًا لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ وَرَادِعًا لَهُ عَن الْإِقْدَامِ عَلَى قَتْلِ مَنْ يَجِدُهُ مَعَ امْرَأَتِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانَ اللَّهُ مَعَ كَوْنِهِ أَشَدَّ غَيْرَةً مِنْكَ يُحِبُّ الْإِعْذَارَ وَلَا يُؤَاخِذُ إِلَّا بَعْدَ الْحُجَّةِ فَكَيْفَ تُقْدِمُ أَنْتَ عَلَى الْقَتْلِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ قَوْلُهُ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ يَجُوزُ فِي أَحَبُّ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ قَوْلُهُ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ حَذْفِ الْهَاءِ وَالْمَدْحُ الثَّنَاءُ بِذِكْرِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَالْأَفْضَالِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ قَوْلُهُ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ أَحَدِ الْمَفْعُولَيْنِ لِلْعِلْمِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ أَطَاعَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَعَدَ الْجَنَّةَ بِإِضْمَارِ الْفَاعِل وَهُوَ الله قَالَ بن بَطَّالٍ أَرَادَ بِهِ الْمَدْحَ مِنْ عِبَادِهِ بِطَاعَتِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ لِيُجَازِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ ذَكَرَ الْمَدْحَ مَقْرُونًا بِالْغَيْرَةِ وَالْعُذْرَ تَنْبِيهًا لِسَعْدٍ عَلَى أَنْ لَا يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى غَيْرَتِهِ وَلَا يُعَجِّلُ بَلْ يَتَأَنَّى وَيَتَرَفَّقُ وَيَتَثَبَّتُ حَتَّى يَحْصُلَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ فَيَنَالَ كَمَالَ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ وَالثَّوَابِ لِإِيثَارِهِ الْحَقَّ وَقَمْعِ نَفْسِهِ وَغَلَبَتِهَا عِنْدَ هَيَجَانِهَا وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ الشَّدِيدُ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ عِيَاضٌ مَعْنَى قَوْلِهِ وَعَدَ الْجَنَّةَ أَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ بِهَا وَرَغَّبَ فِيهَا كَثُرَ السُّؤَالُ لَهُ وَالطَّلَبُ إِلَيْهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ قَالَ وَلَا يُحْتَجُّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ اسْتِجْلَابِ الْإِنْسَانِ الثَّنَاءَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ بِخِلَافِ حُبِّهِ لَهُ فِي قَلْبِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا فَإِنَّهُ لَا يُذَمُّ بِذَلِكَ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُسْتَحِقٌّ لِلْمَدْحِ بِكَمَالِهِ وَالنَّقْصُ لِلْعَبْدِ لَازِمٌ وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْمَدْحَ مِنْ جِهَةٍ مَا لَكِنَّ الْمَدْحَ يُفْسِدُ قَلْبَهُ وَيُعَظِّمُهُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَحْتَقِرَ غَيْرَهُ وَلِهَذَا جَاءَ احْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَوْلُهُ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ الرَّقِّيُّ الْأَسَدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ بن عُمَيْر قَوْله لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَقَالَ لَا شَخْصَ بَدَلَ قَوْلِهِ لَا أَحَدَ وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ مولى الْمُغيرَة عَن الْمُغِيرَةِ قَالَ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَسَاقه أَبُو عوَانَة يَعْقُوب الاسفرايني فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعَطَّارِ عَنْ زَكَرِيَّا بِتَمَامِهِ وَقَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا شَخْصَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ فُضَيْلِ بْنِ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ الْوَضَّاحِ الْبَصْرِيِّ بِالسَّنَدِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا شَخْصَ بَدَلَ لَا أَحَدَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ كَذَلِكَ فَكَأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلِذَلِكَ عَلَّقَهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْقَوَارِيرِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ كَذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَة أَيْضا قَالَ بن بَطَّالٍ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ شَخْصٌ لِأَنَّ التَّوْقِيفَ لَمْ يَرِدْ بِهِ وَقَدْ مَنَعَتْ مِنْهُ الْمُجَسِّمَةُ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ كَذَا قَالَ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُمْ خِلَافُ مَا قَالَ وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ إِثْبَاتُ أَنَّ اللَّهَ شَخْصٌ بَلْ هُوَ كَمَا جَاءَ مَا خَلَقَ اللَّهُ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتٌ أَنَّ آيَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015