(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفسك)
قَالَ الرَّاغِبُ نَفْسُهُ ذَاتُهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مُضَافٌ وَمُضَافٌ إِلَيْهِ فَلَا شَيْءَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى سِوَى وَاحِدٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنِ الِاثْنَيْنِيَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقِيلَ إِنَّ إِضَافَةَ النَّفْسِ هُنَا إِضَافَةُ مِلْكٍ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ نُفُوسُ عِبَادِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَلَا يَخْفَى بُعْدُ الْأَخِيرِ وَتَكَلُّفُهُ وَتَرْجَمَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ النَّفْسَ وَذَكَرَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وَقَوله تَعَالَى واصطنعتك لنَفْسي وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَهُمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قُلْتُ وَفِيهِ أَيْضًا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ وَالنَّفْسُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى أَوْجُهٍ مِنْهَا الْحَقِيقَةُ كَمَا يَقُولُونَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ لِلْأَمْرِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ وَمِنْهَا الذَّاتُ قَالَ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفسك إِنَّ مَعْنَاهُ تَعْلَمُ مَا أَكُنُّهُ وَمَا أُسِرُّهُ وَلَا أَعْلَمُ مَا تُسِرُّهُ عَنِّي وَقِيلَ ذِكْرُ النَّفْسِ هُنَا لِلْمُقَابَلَةِ وَالْمُشَاكَلَةِ وَتُعُقِّبَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ فَلَيْسَ فِيهَا مُقَابَلَةٌ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفسه أَيْ إِيَّاهُ وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَا أَعْلَمُ ذَاتَكَ ثَانِيهَا لَا أَعْلَمُ مَا فِي غَيْبِكَ ثَالِثُهَا لَا أَعْلَمُ مَا عِنْدَكَ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا أَعْلَمُ مَعْلُومَكَ أَوْ إِرَادَتَكَ أَوْ سِرَّكَ أَوْ مَا يَكُونُ مِنْكَ ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ عَبْدِ الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ وَفِيهِ وَمَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ كَذَا وَقَعَ هُنَا مُخْتَصَرًا وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي وَائِلٍ وَهُوَ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَذْكُورُ هُنَا أَتَمُّ مِنْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَدَارُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَى أَبِي وَائِلٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بن يزِيد النَّخعِيّ عَن بن مَسْعُودٍ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ وَلَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكُتُبَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ الْآتِي فِي بَابِ لَا شخص أغير من الله قَالَ بن بَطَّالٍ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ إِثْبَاتُ النَّفْسِ لله وللنفس معَان وَالْمرَاد بِنَفس اللَّهُ ذَاتَهُ وَلَيْسَ بِأَمْرٍ مَزِيدٍ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَأَمَّا
[7403] قَوْلُهُ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ فَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْكُسُوفِ وَقِيلَ غَيْرَةُ اللَّهِ كَرَاهَةُ إِتْيَانِ الْفَوَاحِشِ أَيْ عَدَمُ رِضَاهُ بِهَا لَا التَّقْدِيرُ وَقِيلَ الْغَضَبُ