(قَوْلُهُ بَابُ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم)

قَالَ الرَّاغِبُ تَقْلِيبُ الشَّيْءِ تَغْيِيرُهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَالتَّقْلِيبُ التَّصَرُّفُ وَتَقْلِيبُ اللَّهِ الْقُلُوبَ وَالْبَصَائِرَ صَرْفُهَا مِنْ رَأْيٍ إِلَى رَأْيٍ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ مَا مَعْنَاهُ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ مُقَلِّبَ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْقَلْبَ قَلْبًا لَكِنَّ مَظَانَّ اسْتِعْمَالِهِ تَنْشَأُ عَنْهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ إِعْرَاضَ الْقَلْبِ كَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِهَا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَمَرْجِعُهَا إِلَى الْقُدْرَةِ

[7391] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ هُوَ الْوَاسِطِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ يُكْنَى أَبَا عُثْمَانَ وَيُلَقَّبُ سَعْدَوَيْه وَكَانَ أحد الْحفاظ وبن الْمُبَارَكِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الْإِمَامُ الْمَشْهُورُ وَقَدْ تقدم شرح حَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَكَذَا الْآيَةُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُمَا أَنَّ أَعْرَاضَ الْقُلُوبِ مِنْ إِرَادَةٍ وَغَيْرِهَا تَقَعُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ تَسْمِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا ثَبَتَ فِي الْخَبَرِ وَلَوْ لَمْ يَتَوَاتَرْ وَجَوَازُ اشْتِقَاقِ الِاسْمِ لَهُ تَعَالَى مِنَ الْفِعْلِ الثَّابِتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَات وَمعنى قَوْله ونقلب أفئدتهم نُصَرِّفُهَا بِمَا شِئْنَا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ مَعْنَاهُ نَطْبَعُ عَلَيْهَا فَلَا يُؤْمِنُونَ وَالطَّبْعُ عِنْدَهُمُ التَّرْكُ فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا نَتْرُكُهُمْ وَمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى التَّقْلِيبِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَمَدَّحَ بِالِانْفِرَادِ بِذَلِكَ وَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الطَّبْعِ بِالتَّرْكِ فَالطَّبْعُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ خَلْقُ الْكُفْرِ فِي قَلْبِ الْكَافِرِ وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ يَتَصَرَّفُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَلَا تَفُوتُهُ إِرَادَةٌ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي نِسْبَةِ تَقَلُّبِ الْقُلُوبِ إِلَى اللَّهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قُلُوبَ عِبَادِهِ وَلَا يَكِلُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ وَفِي دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ إِشَارَةٌ إِلَى شُمُولِ ذَلِكَ لِلْعِبَادِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ وَرَفْعُ تَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُمْ يُسْتَثْنَوْنَ مِنْ ذَلِكَ وَخَصَّ نَفْسَهُ بِالذِّكْرِ إِعْلَامًا بِأَنَّ نَفْسَهُ الزَّكِيَّةَ إِذَا كَانَتْ مُفْتَقِرَةً إِلَى أَنْ تَلْجَأَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَافْتِقَارُ غَيرهَا مِمَّن هُوَ دونه أَحَق بذلك

(قَوْلُهُ بَابُ إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إِلَّا وَاحِدَة)

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ وَبَيَانُ مَنْ رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَوَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا بِالتَّذْكِيرِ وَمِائَةَ فِي الْحَدِيثِ بَدَلٌ مِنْ

[7392] قَوْلِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَعَدَلَ فِي التَّرْجَمَةِ مِنَ الْبَدَلِ إِلَى الْمُبْدَلِ وَهُوَ فصيح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015