(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى مَلِكِ النَّاسِ)

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْمَلِكُ وَالْمَالِكُ هُوَ الْخَاصُّ الْمُلْكَ وَمَعْنَاهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْقَادِرُ عَلَى الْإِيجَادِ وَهِيَ صِفَةٌ يَسْتَحِقُّهَا لِذَاتِهِ وَقَالَ الرَّاغِبُ الْمَلِكُ الْمُتَّصِفُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالنَّاطِقِينَ وَلِهَذَا قَالَ ملك النَّاس وَلَمْ يَقُلْ مَلِكِ الْأَشْيَاءِ قَالَ وَأَمَّا قَوْله ملك يَوْم الدّين فَتَقْدِيرُهُ الْمُلْكُ فِي يَوْمِ الدِّينِ لِقَوْلِهِ لِمَنِ الْملك الْيَوْم انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَصَّ النَّاسَ بِالذِّكْرِ فِي قَوْله تَعَالَى ملك النَّاس لِأَنَّ الْمَخْلُوقَاتِ جَمَادٌ وَنَامٍ وَالنَّامِي صَامِتٌ وَنَاطِقٌ وَالنَّاطِقُ مُتَكَلِّمٌ وَغَيْرُ مُتَكَلِّمٍ فَأَشْرَفُ الْجَمِيعِ الْمُتَكَلِّمُ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ وَكُلُّ مَنْ عَدَاهُمْ جَائِزٌ دُخُولُهُ تَحْتَ قَبْضَتِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ فِي الْآيَةِ الْمُتَكَلِّمُ فَمَنْ مَلَكُوهُ فِي مُلْكِ مَنْ مَلَكَهُمْ فَكَانَ فِي حُكْمِ مَا لَوْ قَالَ مَلِكِ كُلِّ شَيْءٍ مَعَ التَّنْوِيهِ بِذِكْرِ الْأَشْرَفِ وَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ قَوْله فِيهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيِ يدْخل فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث بن عُمَرَ وَمُرَادُهُ حَدِيثُهُ الْآتِي بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا فِي تَرْجَمَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى لِمَا خَلَقْتُ بيَدي وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ أَخْرَجَهُ من رِوَايَة يُونُس وَهُوَ بن يزِيد عَن بن شِهَابٍ بِسَنَدِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ شُعَيْبٌ وَالزُّبَيْدِيُّ وبن مُسَافِرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلَهُ كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ لَفْظُ مِثْلَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَرْسَلَهُ بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ اخْتُلِفَ على بن شِهَابٍ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ فِي شَيْخِهِ فَقَالَ يُونُسُ هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَقَالَ الْبَاقُونَ أَبُو سَلَمَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فاما رِوَايَة شُعَيْب وَهُوَ بن أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيُّ فَسَتَأْتِي فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ آنِفًا فَإِنَّهُ قَالَ هُنَاكَ وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ أَنَا شُعَيْبٌ فَذَكَرَ طَرَفًا مِنَ الْمَتْنِ وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ أَبُو الْيَمَانِ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَكَذَا أخرجه بن خُزَيْمَةَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّبَيْدِيِّ بِضَمِّ الزَّايِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ مُحَمَّد بن الْوَلِيد الْحِمصِي فوصلها بن خُزَيْمَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأما طَرِيق بن مُسَافِرٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ أَمِيرُ مِصْرَ نُسِبَ لِجَدِّهِ فَتَقَدَّمَتْ مَوْصُولَةً فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الزُّمَرِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ كَذَلِكَ وَأَمَّا رِوَايَةُ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى وَهُوَ الْكَلْبِيُّ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَافَقَ الْجَمَاعَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الرُّصَافِيُّ فِي أَبِي سَلَمَةَ قلت وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الصَّدَفِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَلِك وَنقل بن خُزَيْمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ مَحْفُوظَانِ انْتَهَى وَصَنِيعُ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ تَرْجِيحُ رِوَايَةِ شُعَيْب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015