(قوله باب بالتنوين أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي

(قَوْلُهُ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ)

كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَالْقَابِسِيِّ وَلِأَبِي ذَرٍّ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لَهُ عَنْ غَيْرِ الْمُسْتَمْلِي لَفْظُ بَابٌ وَلِغَيْرِهِمْ بَابُ التَّعْبِيرِ أول مَا بُدِئَ بِهِ إِلَى آخِرِهِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ كِتَابُ التَّعْبِيرِ وَلَمْ يَزِدْ وَثَبَتَتِ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلًا لِلْجَمِيعِ وَالتَّعْبِيرُ خَاصٌّ بِتَفْسِيرِ الرُّؤْيَا وَهُوَ الْعُبُورُ مِنْ ظَاهِرِهَا إِلَى بَاطِنِهَا وَقِيلَ النَّظَرُ فِي الشَّيْءِ فَيَعْتَبِرُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ حَتَّى يَحْصُلَ عَلَى فَهْمِهِ حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الرَّاغِبُ وَقَالَ أَصْلُهُ مِنَ الْعَبْرِ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ التَّجَاوُزُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَخَصُّوا تَجَاوُزَ الْمَاءِ بِسِبَاحَةٍ أَوْ فِي سَفِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِلَفْظِ الْعُبُورِ بِضَمَّتَيْنِ وَعَبَرَ الْقَوْمُ إِذَا مَاتُوا كَأَنَّهُمْ جَازُوا الْقَنْطَرَةَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ قَالَ وَالِاعْتِبَارُ وَالْعِبْرَةُ الْحَالَةُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ معرفَة الْمشَاهد إِلَى مَا لَيْسَ بِمُشَاهَدٍ وَيُقَالُ عَبَرْتُ الرُّؤْيَا بِالتَّخْفِيفِ إِذَا فَسَّرْتُهَا وَعَبَّرْتُهَا بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الرُّؤْيَا فَهِيَ مَا يَرَاهُ الشَّخْصُ فِي مَنَامِهِ وَهِيَ بِوَزْنِ فُعْلَى وَقَدْ تُسَهَّلُ الْهَمْزَةُ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ هِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ كَالْيُسْرَى فَلَمَّا جُعِلَتِ اسْمًا لِمَا يَتَخَيَّلُهُ النَّائِمُ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْأَسْمَاءِ قَالَ الرَّاغِبُ وَالرُّؤْيَةُ بِالْهَاءِ إِدْرَاكُ الْمَرْءِ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالتَّخَيُّلِ نَحْوَ أَرَى أَنَّ زَيْدًا مُسَافِرٌ وَعَلَى التَّفَكُّرِ النَّظَرِيِّ نَحْوَ إِنِّي أَرَى مَا لَا ترَوْنَ وَعَلَى الرَّأْيِ وَهُوَ اعْتِقَادُ أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ انْتَهَى وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَدْ تَجِيءُ الرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الرُّؤْيَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً للنَّاس فَزَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا رَآهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ مِنَ الْعَجَائِبِ وَكَانَ الْإِسْرَاءُ جَمِيعُهُ فِي الْيَقَظَةِ قُلْتُ وَعَكَسَهُ بَعْضُهُمْ فَزَعَمَ أَنَّهُ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ مَنَامًا وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ تقدم فِي تَفْسِير الْإِسْرَاء قَول بن عَبَّاسٍ إِنَّهَا رُؤْيَا عَيْنٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي تَسْمِيَةِ ذَلِكَ رُؤْيَا لِكَوْنِ أُمُورِ الْغَيْبِ مُخَالِفَةً لِرُؤْيَا الشَّهَادَةِ فَأَشْبَهَتْ مَا فِي الْمَنَامِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الرُّؤْيَا إِدْرَاكَاتٌ عَلَّقَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِ الْعَبْدِ عَلَى يَدَيْ مَلَكٍ أَوْ شَيْطَانٍ إِمَّا بِأَسْمَائِهَا أَيْ حَقِيقَتِهَا وَإِمَّا بِكُنَاهَا أَيْ بِعِبَارَتِهَا وَإِمَّا تَخْلِيطٌ وَنَظِيرُهَا فِي الْيَقَظَةِ الْخَوَاطِرُ فَإِنَّهَا قَدْ تَأْتِي عَلَى نَسَقٍ فِي قِصَّةٍ وَقَدْ تَأْتِي مُسْتَرْسِلَةً غَيْرَ مُحَصَّلَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015