الْحُكْمَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَيَحْكُمُ بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ وَإِنْ كَانُوا فِي الْبَاطِنِ شُهُودَ زُورٍ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ إِنَّمَا جَوَّزَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ مِمَّنْ يَشْتَرِيهَا جَرْيًا مِنْهُ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ سَلَامَتُهَا مِنَ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَلَمْ يُجَوِّزْ قَطُّ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَتَوَاطَآنِ عَلَى أَلْفٍ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ يُحْضِرَانِ سِلْعَةً تُحَلِّلُ الرِّبَا وَلَا سِيَّمَا إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْبَائِعُ بَيْعَهَا وَلَا الْمُشْتَرِي شِرَاءَهَا وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ سِلْعَةٌ لِغَيْرِهِ فَيُوقِعُ الْعَقْدَ وَيَدَّعِي أَنَّهَا مِلْكُهُ وَيُصَدِّقُهُ الْمُشْتَرِي فَيُوقِعَانِ الْعَقْدَ عَلَى الْأَكْثَرِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهَا الْبَائِعُ بِالْأَقَلِّ وَيَتَرَتَّبُ الْأَكْثَرُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي الظَّاهِرِ وَلَوْ عَلِمَ الَّذِي جَوَّزَ ذَلِكَ بِذَلِكَ لَبَادَرَ إِلَى إِنْكَارِهِ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ فَقَدْ يَذْكُرُ الْعَالِمُ الشَّيْءَ وَلَا يَسْتَحْضِرُ لَازِمَهُ حَتَّى إِذَا عَرَفَهُ أَنْكَرَهُ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ جِدًّا وَهَذَا مُلَخَّصُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْإِثْمِ فِي الْعَقْدِ بُطْلَانُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَالشَّافِعِيَّةُ يجوزون الْعُقُود على ظَاهرهَا وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ إِنَّ مَنْ عَمِلَ الْحِيَلَ بِالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ يَأْثَمُ فِي الْبَاطِنِ وَبِهَذَا يَحْصُلُ الِانْفِصَالُ عَن إشكاله وَالله أعلم
(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُنْهَى عَنِ الِاحْتِيَالِ لِلْوَلِيِّ فِي الْيَتِيمَة المرغوبة وَأَن لايكمل لَهَا صَدَاقَهَا)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى وَلَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَذَا السَّنَدِ فِي النِّكَاح تَاما قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ يَتِيمَةً بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا وَلَا أَنْ يُعْطِيهَا من الْعرُوض فِي صَدَاقهَا مَا لَا يَفِي بِقِيمَةِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَفِي قَوْلِهِ فِي الْيَتَامَى حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فِي نِكَاحِ الْيَتَامَى وَقَوْلِهِ
[6965] مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ أَيْ مِنْ سِوَاهُنَّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ مَعْنَى الْآيَةِ وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي الْيَتَامَى الْأَطْفَالِ اللَّاتِي لَا أَوْلِيَاءَ لَهُنَّ يُطَالِبُونَكُمْ بِحُقُوقِهِنَّ وَلَا تَأْمَنُوا مِنْ تَرْكِ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهِنَّ لِعَجْزِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ فَتَزَوَّجُوا مِنَ النِّسَاءِ الْقَادِرَاتِ عَلَى تَدْبِيرِ أُمُورِهِنَّ أَوْ مَنْ لَهُنَّ أَوْلِيَاءُ يَمْنَعُونَكُمْ مِنَ الْحَيْفِ عَلَيْهِنَّ وَقَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَقَدْ تقدم سِيَاقه