(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ)

أَيْ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالْعَبْدُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ قَوْلُهُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ فَإِنْ نَذَرَ الْمُشْتَرِي فِيهِ نَذْرًا فَهُوَ جَائِزٌ أَيْ مَاضٍ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ الصَّادِرُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ قَوْلُهُ بِزَعْمِهِ أَيْ عِنْدَهُ وَالزَّعْمُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ كَثِيرًا قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ أَيْ ينْعَقد التَّدْبِير نقل بن بَطَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ قَالَ وَافَقَ الْكُوفِيُّونَ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهُ بَاطِلٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ مَعَ الْإِكْرَاهِ غَيْرُ نَاقِلٍ لِلْمِلْكِ فَإِنْ سَلَّمُوا ذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُهُمْ إِنَّ نَذْرَ الْمُشْتَرِي وَتَدْبِيرَهُ يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْأَوَّلِ فِيهِ وَإِنْ قَالُوا إِنَّهُ نَاقِلٌ فَلِمَ خَصُّوا ذَلِكَ بِالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ ذَكَرَ الْمَشَايِخُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ بَعْضُ النَّاسِ الْحَنَفِيَّةُ وَغَرَضُهُ أَنَّهُمْ تَنَاقَضُوا فَإِنَّ بَيْعَ الْإِكْرَاهِ إِنْ كَانَ نَاقِلًا لِلْمِلْكِ إِلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالنَّذْرِ وَالتَّدْبِيرِ وَإِنْ قَالُوا لَيْسَ بِنَاقِلٍ فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ وَالتَّدْبِيرُ أَيْضًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا النَّذْرَ وَالتَّدْبِيرَ بِدُونِ الْمِلْكِ وَفِيهِ تَحَكُّمٌ وَتَخْصِيصٌ بِغَيْرِ مُخَصِّصٍ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ على البيع وَالْهِبَة لَا يجوز مَعَهُ الْبَيْعُ وَذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ جَازَ وَكَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نَافِذٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْعتْق قَالَ بن بَطَّالٍ وَوَجْهُ الرَّدِّ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الَّذِي دَبَّرَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال غَيره كَانَ تَدْبيره سفها من فعله فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ لِلْعَبْدِ كَانَ صَحِيحًا فَكَانَ مَنِ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ مِلْكُهُ إِذَا دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْلَى أَنْ يَرُدَّ فِعْلَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَصح لَهُ ملكه قَوْلُهُ بَابٌ مِنَ الْإِكْرَاهِ أَيْ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ الْإِكْرَاهِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَة وَهُوَ الْمَذْكُور فِيهِ عَن بن عَبَّاسٍ فِي نُزُولِ قَوْلَهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ هُنَاكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُنَا عَنْ حُسَيْنِ بن مَنْصُور عَن أَسْبَاط وحسين نيسابوري مَاله فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْكَلَابَاذِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015