الْمُدَّةُ الْمَقْدُورَةُ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ بِالْمِنْشَارِ بِنُونٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ مَعْرُوفٌ وَفِي نُسْخَةٍ بِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتٍ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ بَدَلَ النُّونِ وَهِيَ لُغَةٌ فِيهِ وَقَوْلُهُ مِنْ دُونِ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَلِلْأَكْثَرِ مَا بَدَلَ مِنْ وَقَوْلُهُ هُوَ الْأَمْرُ أَيِ الْإِسْلَامُ وَتَقَدَّمَ المُرَاد بِصَنْعَاء فِي شرح الحَدِيث قَالَ بن بَطَّالٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ وَاخْتَارَ الْقَتْلَ أَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنِ اخْتَارَ الرُّخْصَةَ وَأَمَّا غَيْرُ الْكُفْرِ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ مَثَلًا فَالْفِعْلُ أَوْلَى وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بَلْ يَأْثَمُ إِنْ مُنِعَ مِنْ أَكْلِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُضْطَرِّ عَلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ إِذَا خَافَ على نَفسه الْمَوْت فَلم يَأْكُل

(قَوْلُهُ بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ فِي الْحَقِّ وَغَيْرِهِ)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ اسْتَدَلَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَالْحَدِيثُ بِبَيْعِ الْمُضْطَرِّ أَشْبَهُ فَإِنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْبَيْعِ هُوَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى بَيْعِ الشَّيْءِ شَاءَ أَوْ أَبَى وَالْيَهُودُ لَوْ لَمْ يَبِيعُوا أَرْضَهُمْ لَمْ يُلْزَمُوا بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُمْ شَحُّوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَاخْتَارُوا بَيْعَهَا فَصَارُوا كَأَنَّهُمُ اضْطُرُّوا إِلَى بَيْعِهَا كَمَنْ رَهِقَهُ دَيْنٌ فَاضْطُرَّ إِلَى بَيْعِ مَالَهُ فَيَكُونُ جَائِزًا وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ قُلْتُ لَمْ يَقْتَصِرِ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى الْمُكْرَهِ وَإِنَّمَا قَالَ بَيْعُ الْمُكْرَهِ وَنَحْوُهُ فِي الْحق فَدخل فِي تَرْجَمَتِهِ الْمُضْطَرُّ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ لَا يُصَحِّحُ بَيْعَ الْمُضْطَرِّ وَقَوْلُهُ فِي أخر كَلَامه وَلَو أُكْرِهَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ إِكْرَاهٌ بِحَقٍّ كَذَا تَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ وَتَوْجِيهُ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ فَرَضَ كَلَامَهُ فِي الْمُضْطَرِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَلَمْ يُرِدْ خُصُوصَ قِصَّةِ الْيَهُودِ وَقَالَ بن الْمُنِيرِ تَرْجَمَ بِالْحَقِّ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ إِلَّا الشِّقَّ الْأَوَّلَ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَقِّ الدَّيْنُ وَبِغَيْرِهِ مَا عَدَاهُ مِمَّا يَكُونُ بَيْعُهُ لَازِمًا لِأَنَّ الْيَهُودَ أُكْرِهُوا عَلَى بَيْعِ أَمْوَالِهِمْ لَا لِدَيْنٍ عَلَيْهِمْ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ الْجَلَاءُ وَبِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ الْجِنَايَاتُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْحَقَّ الْمَالِيَّاتُ وَبِقَوْلِهِ غَيْرَهُ الْجَلَاءُ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ الدَّيْنَ فَيَكُونُ مِنَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ سَبَبٌ غَيْرُ مَالِيٍّ فَالْبَيْعُ فِي الدّين وَهُوَ سَبَب مَالِي أولى ثمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِزْيَةِ فِي بَابِ إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَبَيَّنْتُ فِيهِ أَنَّ الْيَهُودَ الْمَذْكُورِينَ لَمْ يُسَمَّوْا وَلَمْ ينسبوا وَقد أورد مُسلم حَدِيث بن عُمَرَ فِي إِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَوْهَمَ أَنَّ الْيَهُودَ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هُمْ بَنُو النَّضِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّمَا جَاءَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ وَكَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015