خَصَائِصِهِ الَّتِي أُكْرِمَ بِهَا بَلْ قَوْلُ عُمَرَ يُرِيدُ نَفْسَهُ يُؤَيِّدُ اخْتِصَاصَهُ بِذَلِكَ وَأَمَّا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم إِلَخْ فَأُجِيبَ عَنْهَا بِأَنَّهَا عَامَّةٌ فِيمَنْ تَرَكَ شَيْئًا كَانَ يَمْلِكُهُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ وَقَفَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَمْ يُخَلِّفْ مَا يُورَثُ عَنْهُ فَلَمْ يُورَثْ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ خَلَّفَ شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَمْلِكُهُ فَدُخُولُهُ فِي الْخِطَابِ قَابِلٌ لِلتَّخْصِيصِ لِمَا عُرِفَ مِنْ كَثْرَةِ خَصَائِصِهِ وَقَدِ اشْتُهِرَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُورَثُ فَظَهَرَ تَخْصِيصُهُ بِذَلِكَ دُونَ النَّاسِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِ لَا يُورَثُ حَسْمُ الْمَادَّةِ فِي تَمَنِّي الْوَارِثِ مَوْتَ الْمُورَثِ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ وَقِيلَ لِكَوْنِ النَّبِيِّ كَالْأَبِ لِأُمَّتِهِ فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِلْجَمِيعِ وَهَذَا معنى الصَّدَقَة الْعَامَّة وَقَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لَا تُورَثُ أَنَّهَا تَكُونُ حَبْسًا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِالْوَقْفِ أَوِ الْحَبْسِ وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْقُولَاتِ وَأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَقَارِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي الخ ثمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَوَقع فِي رِوَايَة بن وهب عَن مَالك حَدثنِي بن شهَاب وَفِي الْمُوَطَّأ للدارقطني من طَرِيق القعني يَسْأَلْنَهُ ثَمَنَهُنَّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَيْضًا أَرْسَلْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ وَفِيهِ فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ وَفِيهِ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ مِنْ مُسْنَدِ عَائِشَةَ وَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا السَّنَدِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَوْرَدَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِزِيَادَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي مُسْنَدِهِ وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ عَن بن شِهَابٍ الْمَذْكُورَةَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَمِعَهُ أَبُوهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ إِنَّمَا سَمِعَتْهُ مِنْ أَبِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَالَبَ الْأَزْوَاجُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ)

هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَبَعْدَهُ

[6731] وَمَنْ تَرَكَ ضِيَاعًا فَإِلَيَّ وَقَالَ بَعْدَهُ رَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَطْوَلَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ فِي السَّنَدِ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الْكَفَالَةِ الِاخْتِلَافَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي صَحَابِيِّهِ وَأَنَّ مَعْمَرًا انْفَرَدَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَنْ جَابِرٍ بَدَلَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَتَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَن بن شِهَابٍ بِذِكْرِ سَبَبِهِ فِي أَوَّلِهِ وَلَفْظُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015