إِلَى مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِي مَنْعِهِمْ أَوَّلًا وَإِعْطَائِهِمْ ثَانِيًا إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ إِلَخْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ اسْتِدْرَاكُ جَبْرِ خَاطِرِ السَّائِلِ الَّذِي يُؤَدب على الْحَاجة بِمَطْلُوبِهِ إِذَا تَيَسَّرَ وَأَنَّ مَنْ أَخْذَ شَيْئًا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُعْطِيَ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِإِعْطَائِهِ لَا يُبَارَكُ لَهُ فِيهِ قَوْلُهُ فَظَنَنَّا أَوْ فَعَرَفْنَا أَنَّكَ نَسِيتَ يَمِينَكَ قَالَ انْطَلِقُوا فَإِنَّمَا حَمَلَكُمُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ فَنَسِيتَ قَالَ لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ السَّلَامِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا وَقَدْ حَمَلْتَنَا قَالَ أَجَلْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ إِلَخْ وَفِي رِوَايَةِ غَيْلَانَ مَا أَنَا حَمَلْتكُمْ بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ فِطْرٍ عَنْ زَهْدَمٍ فَكَرِهْنَا أَنْ نُمْسِكَهَا فَقَالَ إِنِّي وَاللَّهِ مَا نَسِيتُهَا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الشَّيْخِ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَنْهُ أَبُو يَعْلَى وَلَمْ يَسُقْ مِنْهُ إِلَّا قَوْلَهُ قَالَ وَاللَّهِ مَا نَسِيتُهَا قَوْلُهُ إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَخْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ أَيْ مَحْلُوفِ يَمِينٍ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظَ يَمِينٍ لِلْمُلَابَسَةِ وَالْمُرَادُ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الِاسْتِعَارَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَضْمِينٌ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَلَى أَمْرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى بِمَعْنَى الْبَاءِ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ إِذَا حَلَفْتُ بِيَمِينٍ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِقَوْلِهِ فَرَأَيْتُ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي غَيْرِهَا لَا يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْيَمِينِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَعُودُ على مَعْنَاهَا الْمجَازِي للملابسة أَيْضا وَقَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْحَلِفُ هُوَ الْيَمِينُ فَقَوْلُهُ أَحْلِفُ أَيْ أَعْقِدُ شَيْئًا بِالْعَزْمِ وَالنِّيَّةِ وَقَوْلُهُ عَلَى يَمِينٍ تَأْكِيدٌ لِعَقْدِهِ وَإِعْلَامٌ بِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَغْوًا قَالَ الطِّيبِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ مَا عَلَى الْأَرْضِ يَمِينٌ أَحْلِفُ عَلَيْهَا الْحَدِيثَ قَالَ فَقَوْلُهُ أَحْلِفُ عَلَيْهَا صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلْيَمِينِ قَالَ وَالْمَعْنَى لَا أَحْلِفُ يَمِينًا جَزْمًا لَا لَغْوَ فِيهَا ثُمَّ يَظْهَرُ لِي أَمْرٌ آخَرُ يَكُونُ فِعْلُهُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُضِيِّ فِي الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ إِلَّا فَعَلْتُهُ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي قَالَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ عَلَى يَمِينٍ مَصْدَرًا مُؤَكِّدًا لِقَوْلِهِ أَحْلِفُ تَكْمِلَةٌ اخْتُلِفَ هَلْ كَفَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ الْمَذْكُورِ كَمَا اخْتُلِفَ هَلْ كَفَّرَ فِي قِصَّةِ حَلِفِهِ عَلَى شُرْبِ الْعَسَلِ أَوْ عَلَى غِشْيَانِ مَارِيَةَ فَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يُكَفِّرْ أَصْلًا لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ وَتُعُقِّبَ بِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ حَلِفِهِ عَلَى الْعَسَلِ أَوْ مَارِيَةَ فَعَاتَبَهُ اللَّهُ وَجَعَلَ لَهُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَفَّرَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ نَصًّا فِي رد مَا ادَّعَاهُ الْحسن وَظَاهر قَوْله أَيْضًا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ ذَلِكَ وَدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلتَّشْرِيعِ بَعِيدٌ قَوْلُهُ وَتَحَلَّلْتهَا كَذَا فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ وَعَبْدِ الْوَارِثِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ كُلِّهِمْ عَنْ أَيُّوبَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَحَلَّلْتُهَا وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا أَبُو السَّلِيلِ عَنْ زَهْدَمٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْلَانَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي بَدَلَ وَتَحَلَّلْتُهَا وَهُوَ يُرَجِّحُ أَحَدَ احْتِمَالَيْنِ ابداهما بن دَقِيقِ الْعِيدِ ثَانِيهِمَا إِتْيَانُ مَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ يَقْتَضِي سَبْقَ الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ هُوَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ مُوَافَقَةِ مُقْتَضَاهَا فَيَكُونُ التَّحَلُّلُ الْإِتْيَانُ بِخِلَافِ مُقْتَضَاهَا لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكْرَارٌ لِوُجُودِ قَوْلِهِ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَإِنَّ إِتْيَانَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ تَحْصُلُ بِهِ مُخَالَفَةُ الْيَمِينِ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهَا لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ فَائِدَتُهُ التَّصْرِيحَ بِالتَّحَلُّلِ وَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ يُنَاسِبُ الْجَوَازَ صَرِيحًا لِيَكُونَ أَبْلَغَ مِمَّا لَوْ ذَكَرَهُ بِالِاسْتِلْزَامِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ الثَّانِيَ أَقْوَى لِأَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ وَقِيلَ مَعْنَى تَحَلَّلْتُهَا خَرَجْتُ مِنْ حُرْمَتِهَا إِلَى مَا يَحِلُّ مِنْهَا وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْكَفَّارَةِ وَقَدْ يَكُونُ بِالِاسْتِثْنَاءِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ لَكِنْ لَا يَتَّجِهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَّا إِنْ كَانَ وَقَعَ مِنْهُ اسْتِثْنَاءٌ لَمْ يَشْعُرُوا بِهِ كَأَنْ يَكُونَ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَثَلًا أَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ إِلَّا إِنْ حصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015