لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى يَمِينٌ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ فِي الْأُصُولِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِهِ بَيَانَ صِيغَةِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ وَأَشَارَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهَا لِلتَّبَرُّكِ لَا لِلِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ قَوْلُهُ إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ كَذَا وَقَعَ لَفْظُ وَكَفَّرْتُ مُكَرَّرًا فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَحَمَّادٌ أَيْضًا هُوَ بن زَيْدٍ قَوْلُهُ وَقَالَ إِلَّا كَفَّرْتُ يَعْنِي سَاقَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنَّهُ قَالَ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ أَوْ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ فَزَادَ فِيهِ التَّرَدُّدَ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ وَتَأْخِيرِهَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِالتَّرْدِيدِ فِيهِ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ وَفِيهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَنَسِيَ وَفِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ وَقَالَ مَرَّةً لَوِ اسْتَثْنَى وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ جَوَّزَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ انْفِصَالِ الْيَمِينِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ وَأَجَابَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ يَمِينَ سُلَيْمَانَ طَالَتْ كَلِمَاتُهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ صَاحِبِهِ لَهُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ حُجَّةٌ وَلَوْ عَقَّبَهُ بالرواية بِالْفَاءِ فَلَا يبْقى الِاحْتِمَال وَقَالَ بن التِّينِ لَيْسَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ الَّذِي يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ وَيَحُلُّ عَقْدَهُ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْإِقْرَارِ لِلَّهِ بِالْمَشِيئَةِ وَالتَّسْلِيمِ لِحُكْمِهِ فَهُوَ نَحْوَ قَوْلِهِ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا الا ان يَشَاء الله وَقَالَ أَبُو مُوسَى فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ كَذَا قَالَ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ قِصَّةَ سُلَيْمَانَ وَفِي آخِرِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ نَعَمْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ مَنْ قَالَ إِلَخْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْهُ فَقَالَ هَذَا خطأ أَخطَأ فِيهِ عبد الرَّزَّاق فَاخْتَصَرَهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِتَمَامِهِ وَأَشَرْتُ إِلَى مَا فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَقد اعْترض بن الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يُنَاقِضُ غَيْرَهَا لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْحَدِيثِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَقْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهَا لِتُبَيِّنَ الْأَحْكَامَ بِأَلْفَاظٍ أَيْ فَيُخَاطِبُ كُلَّ قَوْمٍ بِمَا يَكُونُ أَوْصَلَ لِأَفْهَامِهِمْ وَإِمَّا بِنَقْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَأَجَابَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ وَافِيًا بِالْمَعْنَى الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي اخْتَصَرَهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَالَ سُلَيْمَانُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ غَيْرِ سُلَيْمَانَ وَشَرْطُ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى عَدَمُ التَّخَالُفِ وَهُنَا تَخَالُفٌ بِالْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ قُلْتُ وَإِذَا كَانَ مَخْرَجُ الْحَدِيثِ وَاحِدًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ لَكِنْ قَدْ جَاءَ لِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاق المختصرة شَاهد من حَدِيث بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوب وَهُوَ السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْقُوفًا وَكَذَا رَوَاهُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ غَيْرَ أَيُّوبَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أَيُّوبُ أَحْيَانًا يَرْفَعُهُ وَأَحْيَانًا لَا يَرْفَعُهُ وَذَكَرَ فِي الْعِلَلِ أَنَّهُ سَأَلَ مُحَمَّدًا عَنْهُ فَقَالَ أَصْحَابُ نَافِعٍ رَوَوْهُ مَوْقُوفًا إِلَّا أَيُّوبَ وَيَقُولُونَ إِنَّ أَيُّوبَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ وَقَفَهُ وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كَانَ أَيُّوبُ يَرْفَعُهُ ثُمَّ تَرَكَهُ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ