عَلَى شِفَائِهِ وَهَذِهِ حَالَةُ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِلَّا بِعِوَضٍ عَاجِلٍ يَزِيدُ عَلَى مَا أَخْرَجَ غَالِبًا وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ فِي الحَدِيث لقَوْله وانما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُخْرِجُهُ قَالَ وَقَدْ يَنْضَمُّ إِلَى هَذَا اعْتِقَادُ جَاهِلٍ يَظُنُّ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ حُصُولَ ذَلِكَ الْغَرَضِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَعَهُ ذَلِكَ الْغَرَضَ لِأَجْلِ ذَلِكَ النَّذْرِ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا وَالْحَالَةُ الْأُولَى تُقَارِبُ الْكُفْرَ وَالثَّانِيَةُ خَطَأٌ صَرِيحٌ قُلْتُ بَلْ تَقْرُبُ مِنَ الْكُفْرِ أَيْضًا ثُمَّ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ حَمْلَ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَالَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي حَقِّ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ الْفَاسِدُ فَيَكُونُ إِقْدَامُهُ عَلَى ذَلِكَ مُحَرَّمًا وَالْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ اه وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ بن عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ فَإِنَّهَا فِي نَذْرِ الْمُجَازَاةِ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يُوفونَ بِالنذرِ قَالَ كَانُوا يَنْذُرُونَ طَاعَةَ اللَّهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ أَبْرَارًا وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّنَاءَ وَقَعَ فِي غَيْرِ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَمَزَ فِي التَّرْجَمَةِ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَقَدْ يُشْعِرُ التَّعْبِيرَ بِالْبَخِيلِ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مِنَ النَّذْرِ مَا فِيهِ مَالٌ فَيَكُونُ أَخَصَّ مِنَ الْمُجَازَاةِ لَكِنْ قَدْ يُوصَفُ بِالْبُخْلِ مَنْ تَكَاسَلَ عَنِ الطَّاعَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الْبَخِيلِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ أخرجه النَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ثُمَّ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِنَذْرِ الْمُجَازَاةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ تَعَالَى فَلْيُطِعْهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَالِاتِّفَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ لَكِنْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ لِوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ الْمُعَلَّقِ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ بَابٍ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنَ الْبَخِيلِ يَأْتِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَعْدَ بَيَانِ الْمُرَادِ بِالِاسْتِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ مِنَ الْبَخِيلِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسلم فِي حَدِيث بن عُمَرَ مِنَ الشَّحِيحِ وَكَذَا لِلنَّسَائِيِّ وَفِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ مِنَ اللَّئِيمِ وَمَدَارُ الْجَمِيعِ عَلَى مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ فَالِاخْتِلَافُ فِي اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ لِأَنَّ الشُّحَّ أَخَصُّ وَاللُّؤْمَ أَعَمُّ قَالَ الرَّاغِبُ الْبُخْلُ إِمْسَاكُ مَا يُقْتَضَى عَمَّنْ يَسْتَحِقُّ وَالشُّحُّ بُخْلٌ مَعَ حِرْصٍ وَاللُّؤْمُ فِعْلُ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ
[6694] قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَة لَا يَأْتِي بن آدم النّذر بِشَيْء بن آدَمَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَالنَّذْرُ بِالرَّفْعِ هُوَ الْفَاعِلُ قَوْلُهُ لَمْ أَكُنْ قَدَّرْتُهُ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدُسِيَّةِ لَكِنْ سَقَطَ مِنْهُ التَّصْرِيحُ بِنِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَة بن العَبْد عَنهُ من رِوَايَة مَالك وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ أُبَيٍّ وَعُمَرُ عَنِ الْأَعْرَجِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْقَدَرِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ لَمْ يَكُنْ قَدَّرْتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ لَمْ أُقَدِّرْهُ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ وَلَكِنْ يَغْلِبُهُ النَّذْرُ فَأُقَدِّرُ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ قَدَّرْتُهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ قَدَّرَهُ لَهُ وَكَذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَوْلِهِ فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ فَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَيُسْتَخْرَجُ بِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ وَالنَّسَائِيِّ وَعَبْدَةَ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ الْقَدَرَ فَيُخْرِجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ قَوْلُهُ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابُ إِلْقَاءِ الْعَبْدِ النَّذْرَ إِلَى الْقَدَرِ وَأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ