خَارِجِيٍّ بَلْ هِيَ لِإِنْشَاءِ الْقَسَمِ فَتَكُونُ صُورَةَ الْحَلِفِ هُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِهِ إِنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي كَقَوْلِهِ إِنْ كَانَ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا مَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كَفَّارَةً بَلْ جَعَلَ الْمُرَتَّبَ عَلَى كَذِبِهِ قَوْله فَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَلَا يَكْفُرُ فِي صُورَةِ الْمَاضِي إِلَّا إِنْ قَصَدَ التَّعْظِيمَ وَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِكَوْنِهِ يَتَخَيَّرُ مَعْنًى فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمِينٌ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِالْحِنْثِ بِهِ كَفَرَ لِكَوْنِهِ رَضِيَ بِالْكُفْرِ حِينَ أَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ إِذَا كَانَ كَاذِبًا وَالتَّحْقِيقُ التَّفْصِيلُ فَإِنِ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَ مَا ذَكَرَ كَفَرَ وَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ كَفَرَ لِأَنَّ إِرَادَةَ الْكُفْرِ كُفْرٌ وَإِنْ أَرَادَ الْبُعْدَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُهُ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا قَالَ عِيَاضٌ تَفَرَّدَ بِزِيَادَتِهَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ الْحَالِفَ الْمُتَعَمِّدَ إِنْ كَانَ مُطْمَئِنَّ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي تَعْظِيمِ مَا لَا يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَهُ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ قَالَهُ مُعْتَقِدًا لِلْيَمِينِ بِتِلْكَ الْمِلَّةِ لِكَوْنِهَا حَقًّا كَفَرَ وَإِنْ قَالَهَا لِمُجَرَّدِ التَّعْظِيمِ لَهَا احْتَمَلَ قُلْتُ وَيَنْقَدِحُ بِأَنْ يُقَالَ إِنْ أَرَادَ تَعْظِيمَهَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ قَبْلَ النَّسْخِ لَمْ يَكْفُرْ أَيْضًا وَدَعْوَاهُ أَنَّ سُفْيَانَ تَفَرَّدَ بِهَا إِنْ أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَعَسَى فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَسُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَبَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ مُتَعَمِّدًا لِسُفْيَانَ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا سُفْيَانُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بن زُرَيْع عَنْ خَالِدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ خَالِدٍ وَلِهَذِهِ الْخَصْلَةُ فِي حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيق الْحُسَيْن بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا يَعْنِي إِذَا حَلَفَ بِذَلِكَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّفْصِيلَ الْمَاضِيَ وَيُخَصَّصُ بِهَذَا عُمُومُ الْحَدِيثِ الْمَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ التَّهْدِيدُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْوَعِيدِ لَا الْحُكْمُ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مِثْلَ عَذَابِ مَنِ اعْتَقَدَ مَا قَالَ وَنَظِيرُهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ أَيِ اسْتوْجبَ عُقُوبَة من كفر وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى الْكُفْرِ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَكَذِبِ الْمُعَظِّمِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ قَوْلُهُ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَوْلُهُ بِشَيْءٍ أَعَمُّ مِمَّا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِحَدِيدَةٍ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا مِنْ بَابِ مُجَانَسَةِ الْعُقُوبَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ لِلْجِنَايَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْإِثْمِ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ مُطْلَقًا بَلْ هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا بِمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ قِيلَ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَوْجَبَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْقِصَاصِ خِلَافًا لمن خصصه بالمحدد ورده بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ لَا تُقَاسُ بِأَفْعَالِهِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي الْآخِرَةِ يُشْرَعُ لِعِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا كَالتَّحْرِيقِ بِالنَّارِ مَثَلًا وَسَقْيِ الْحَمِيمِ الَّذِي يُقَطَّعُ بِهِ الْأَمْعَاءُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ لِلْمُمَاثِلَةِ فِي الْقِصَاصِ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015