وَبِه جزم بن درياس فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ تَبَعًا لِلْخَطَّابِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لَكِنْ تَلْزَمُهُ التَّوْبَةُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ عُقُوبَتَهُ تَخْتَصُّ بِذَنبِهِ وَلم يُوجب عَلَيْهِ فِي مَاله شَيْئًا وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّوْحِيدِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى يُضَاهِي الْكُفَّارَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَدَارَكَ بِالتَّوْحِيدِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ الْقِمَارِ بَعْدَ الْحَلِفِ بِاللَّاتِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَافَقَ الْكُفَّارَ فِي حَلِفِهِمْ فَأُمِرَ بِالتَّوْحِيدِ وَمَنْ دَعَا إِلَى الْمُقَامَرَةِ وَافَقَهُمْ فِي لَعِبِهِمْ فَأُمِرَ بِكَفَّارَةِ ذَلِكَ بِالتَّصَدُّقِ قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ دَعَا إِلَى اللَّعِبِ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ لَعِبَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ حَتَّى اسْتَقَرَّ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ أَوْ تَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ أَنَّهُ تَكْتُبُهُ عَلَيْهِ الْحَفَظَةُ كَذَا قَالَ وَفِي أَخْذِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ هَذَا الدَّلِيل وَقْفَة

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّيْءِ)

وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابُ كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ لِذَلِكَ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ وَأَوْرَدَ هُنَا حَدِيثَ بن عُمَرَ فِي لُبْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَ الذَّهَبِ وَفِيهِ فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ وَقَدْ أَطْلَقَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافٍ تُكْرَهُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ طَاعَةً وَالْأَوْلَى أَنْ يعبر بِمَا فِيهِ مصلحَة قَالَ بن الْمُنِيرِ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ أَنْ يُخْرِجَ مِثْلُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لايمانكم يَعْنِي عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ فِيهَا لِئَلَّا يُتَخَيَّلَ أَنَّ الْحَالِفَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ يَرْتَكِبُ النَّهْيَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ قَصْدٌ صَحِيحٌ كَتَأْكِيدِ الْحُكْمِ كَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ مَنْعِ لُبْسِ خَاتَمِ الذَّهَب قَوْلُهُ بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ الْمِلَّةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ وَهِيَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ جَمِيعَ الْمِلَلِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالصَّابِئَةِ وَأَهْلِ الْأَوْثَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015