الْوَاحِدِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ بَاطِلٌ ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ وَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لَا يَخْرُجُ عَمَّا قُلْنَاهُ لِأَنَّ أَكْلَ آدَمَ مِنَ الشَّجَرَةِ كَانَ عَنْ سَهْوٍ وَطَلَبَ نُوحٍ نَجَاةَ وَلَدِهِ كَانَ عَنْ تَأْوِيلٍ وَمَقَالَاتِ إِبْرَاهِيمَ كَانَتْ مَعَارِيضَ وَأَرَادَ بِهَا الْخَيْرَ وَقَتِيلَ مُوسَى كَانَ كَافِرًا كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقِ الْغَضَبِ عَلَى اللَّهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُظْهِرُ مِنِ انْتِقَامِهِ مِمَّنْ عَصَاهُ وَمَا يُشَاهِدُهُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ مِنَ الْأَهْوَالِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مِثَالُهَا وَلَا يَكُونُ كَذَا قَرَّرَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالْغَضَبِ لَازِمُهُ وَهُوَ إِرَادَةُ إِيصَالِ السُّوءِ لِلْبَعْضِ وَقَوْلُ آدَمَ وَمَنْ بَعْدَهُ نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي أَيْ نَفْسِي هِيَ الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ يُشْفَعَ لَهَا لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ إِذَا كَانَا مُتَّحِدَيْنِ فَالْمُرَادُ بِهِ بَعْضُ اللَّوَازِمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَحْذُوفًا وَفِيهِ تَفْضِيلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ لِأَنَّ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَقَدْ ظَهَرَ فَضْلُهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَيْهِمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلَّا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ يَقُولُ نَفْسِي نَفْسِي وَبَيْنَ مَنْ يَقُولُ أُمَّتِي أُمَّتِي لَكَانَ كَافِيًا وَفِيهِ تَفْضِيلُ الْأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ لِتَأَهُّلِهِمْ لِذَلِكَ الْمَقَامِ الْعَظِيمِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ وَقَدْ قِيلَ إِنَّمَا اخْتُصَّ الْمَذْكُورُونَ بِذَلِكَ لِمَزَايَا أُخْرَى لَا تَتَعَلَّقُ بِالتَّفْضِيلِ فَآدَمُ لِكَوْنِهِ وَالِدَ الْجَمِيعِ وَنُوحٌ لِكَوْنِهِ الْأَبَ الثَّانِيَ وَإِبْرَاهِيمُ لِلْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ مِلَّتِهِ وَمُوسَى لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا وَعِيسَى لِأَنَّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا اخْتُصُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ شَرَائِعَ عُمِلَ بِهَا مِنْ بَيْنِ مَنْ ذُكِرَ أَوَّلًا وَمَنْ بَعْدَهُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ طَلَبَ مِنْ كَبِيرٍ أَمْرًا مُهِمًّا أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ سُؤَالِهِ وَصْفَ الْمَسْئُولِ بِأَحْسَنِ صِفَاتِهِ وَأَشْرَفِ مَزَايَاهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لِإِجَابَتِهِ لسؤاله وَفِيه أَن المسؤل إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِيلِ مَا سُئِلَ يَعْتَذِرُ بِمَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَكْمُلُ فِي الْقِيَامِ بِذَلِكَ فَالدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ وَأَنَّهُ يُثْنِي عَلَى الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِأَوْصَافِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَهْلِيَّتِهِ وَيَكُونُ أَدْعَى لِقَبُولِ عُذْرِهِ فِي الِامْتِنَاعِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ ظَرْفِ الْمَكَانِ فِي الزَّمَانِ لِقَوْلِهِ لَسْتُ هُنَاكُمْ لِأَنَّ هُنَا ظَرْفَ مَكَانٍ فَاسْتُعْمِلَتْ فِي ظَرْفِ الزَّمَانِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَسْتُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا هُوَ ظَرْفُ مَكَانٍ عَلَى بَابِهِ لَكِنَّهُ الْمَعْنَوِيُّ لَا الْحِسِّيُّ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْحِسِّيِّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ السُّؤَالَ بَعْدَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُفَسِّرُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ بِالْقُعُودِ عَلَى الْعَرْشِ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ أَيْضًا وَفِيهِ الْعَمَلُ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ نُوحٍ فِي طَلَبِهِ نَجَاةَ ابْنِهِ وَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَرَى بِعَكْسِهِ وَفِيهِ أَنَّ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسْتَصْحِبُونَ حَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ التَّوَسُّلِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حَوَائِجِهِمْ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالْبَاعِثُ عَلَى ذَلِكَ الْإِلْهَامُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ وَفِيهِ أَنَّهُمْ يَسْتَشِيرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُجْمِعُونَ عَلَى الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ وَأَنَّهُمْ يُغَطَّى عَنْهُمْ بَعْضُ مَا عَلِمُوهُ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ فِي السَّائِلِينَ مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَسْتَحْضِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَقَامَ يَخْتَصُّ بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لَوِ اسْتَحْضَرُوا ذَلِكَ لَسَأَلُوهُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَلَمَا احْتَاجُوا إِلَى التَّرَدُّدِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَى نَبِيٍّ وَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْسَاهُمْ ذَلِكَ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ إِظْهَارِ فَضْلِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ حديثُ عمرَان بن حُصَيْن
[6566] قَوْله يحيى هُوَ بن سَعِيدِ الْقَطَّانُ وَالْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ هُوَ أَبُو سَلمَة الْبَصْرِيّ تكلم فِيهِ احْمَد وبن مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْهُ مَعَ تَعَنُّتِهِ فِي الرِّجَالِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُتَابَعَةٌ وَفِي طَبَقَتِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ السِّينِ وَآخِرُهُ نُونٌ بَصْرِيٌّ أَيْضًا يُعْرَفُ بِالْمُعَلِّمِ وَبِالْمُكْتِبِ وَهُوَ أَوْثَقُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أُمِّ حَارِثَةَ تَقَدَّمَ فِي الْخَامِس مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْهُ وفِيهِ وَلَقَاب قَوس أحدكُم وَتقدم شَرْحُهُ وَفِيهِ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ