سَبَقَ إِلَى وَصْفِهِ بِأَنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ فَخَاطَبَهُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ بِذَلِكَ وَقَدِ اسْتُشْكِلَتْ هَذِهِ الْأَوَّلِيَّةُ بِأَنَّ آدَمَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَكَذَا شِيثُ وَإِدْرِيسُ وَهُمْ قَبْلَ نُوحٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ جَابِرٍ أُعْطِيتُ خَمْسًا فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ وَفِيهِ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً الْحَدِيثَ وَمُحَصَّلُ الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ مُقَيَّدَةٌ بِقَوْلِهِ أَهْلِ الْأَرْضِ لِأَنَّ آدَمَ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لَمْ يُرْسَلُوا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ بَعْثَتَهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ لِصِدْقِ أَنَّهُمْ قَوْمُهُ بِخِلَافِ عُمُومِ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمِهِ وَلِغَيْرِ قَوْمِهِ أَوِ الْأَوَّلِيَّةَ مُقَيَّدَةٌ بِكَوْنِهِ أَهْلَكَ قَوْمَهُ أَوْ أَنَّ الثَّلَاثَةَ كَانُوا أَنْبِيَاءَ وَلم يَكُونُوا رسلًا والى هَذَا جنح بن بَطَّالٍ فِي حَقِّ آدَمَ وَتَعَقَّبَهُ عِيَاضٌ بِمَا صَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فَإِنَّهُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ كَانَ مُرْسَلًا وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِإِنْزَالِ الصُّحُفِ عَلَى شِيثَ وَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ الْإِرْسَالِ وَأَمَّا إِدْرِيسُ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ إِلْيَاسُ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنَ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ رِسَالَةَ آدَمَ كَانَتْ إِلَى بَنِيهِ وَهُمْ مُوَحِّدُونَ لِيُعْلِمَهُمْ شَرِيعَتَهُ وَنُوحٌ كَانَتْ رِسَالَتُهُ إِلَى قَوْمٍ كُفَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ قَوْلُهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ وَيَذْكُرُ سُؤَالَ رَبِّهِ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ سُؤَالَ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ هِلَالٍ مِثْلُ جَوَابِ آدَمَ لَكِنْ قَالَ وَإِنَّهُ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَيَقُولُ لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنِّي دَعَوْتُ بِدَعْوَةٍ أَغْرَقَتْ أَهْلَ الْأَرْضِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ اعْتَذَرَ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا نَهْيُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَنْ يَسْأَلَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَخَشِيَ أَنْ تَكُونَ شَفَاعَتُهُ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ مِنْ ذَلِكَ ثَانِيهُمَا أَنَّ لَهُ دَعْوَةً وَاحِدَةً مُحَقَّقَةَ الْإِجَابَةِ وَقَدِ اسْتَوْفَاهَا بِدُعَائِهِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَخَشِيَ أَنْ يَطْلُبَ فَلَا يُجَابَ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَانَ اللَّهُ وَعَدَ نُوحًا أَنْ يُنْجِيَهُ وَأَهْلَهُ فَلَمَّا غَرِقَ ابْنُهُ ذَكَرَ لِرَبِّهِ مَا وَعَدَهُ فَقِيلَ لَهُ الْمُرَادُ مِنْ أَهْلِكَ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَخَرَجَ ابْنُكَ مِنْهُمْ فَلَا تَسْأَلْ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّل سَقَطَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُذَيْفَةَ الْمَقْرُونِ بِأَبِي هُرَيْرَةَ ذِكْرُ نُوحٍ فَقَالَ فِي قِصَّةِ آدَمَ اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْرَاهِيمَ وَكَذَا سَقَطَ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ وَالْعُمْدَةُ عَلَى مَنْ حَفِظَ الثَّانِي ذَكَرَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كَشْفِ عُلُومِ الْآخِرَةِ أَنَّ بَيْنَ إِتْيَانِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ آدَمَ وَإِتْيَانِهِمْ نُوحًا أَلْفُ سَنَةٍ وَكَذَا بَيْنَ كُلِّ نَبِيٍّ وَنَبِيٍّ إِلَى نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَقِفْ لِذَلِكَ عَلَى أَصْلٍ وَلَقَدْ أَكْثَرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ إِيرَادِ أَحَادِيثَ لَا أُصُولَ لَهَا فَلَا يُغْتَرَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا قَوْلُهُ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا وَفِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ هِلَالٍ وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَهُوَ خَلِيلُ اللَّهِ قَوْلُهُ فَيَأْتُونَهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِهِ فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قُمِ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ وَذَكَرَ مِثْلَ مَا لِآدَمَ قَوْلًا وَجَوَابًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ وَذَكَرَهُنَّ قَوْلُهُ فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ زَادَ مُسْلِمٌ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ إِنِّي كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ زَادَ شَيْبَانُ فِي رِوَايَتِهِ قَوْلُهُ إِنِّي سَقِيمٌ وَقَوْلُهُ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وَقَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ أَخْبِرِيهِ أَنِّي أَخُوكِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَيَقُولُ إِنِّي كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْهَا كِذْبَةٌ إِلَّا مَا حَلَّ بِهَا عَنْ دِينِ اللَّهِ وَمَا حَلَّ بِمُهْمَلَةٍ بِمَعْنَى جَادَلَ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ الْمَقْرُونَةِ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَاكَ إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ وَضُبِطَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِضَمِّهَا وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِيهِمَا