إِلَيْكَ عَنِّي لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ بِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ وَزْنُ عَظِيمٍ وَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْكُو فَقَارَ ظَهْرِهِ لَا أَنَّهُ ضِدُّ الْغِنَى قَالَ خَرَجْنَا فِي عِصَابَةٍ نُرِيدُ أَنْ نَحُجَّ ثُمَّ نَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ فَمَرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ وَإِذَا هُوَ قَدْ ذَكَرَ الْجَهَنَّمِيِّينَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُونَ بِهِ وَاللَّهُ يَقُولُ إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَكلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا قَالَ أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَسَمِعْتَ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَبْعَثُهُ اللَّهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ مَقَامُ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودُ الَّذِي يُخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا فِيهَا ثُمَّ نَعَتَ وَضْعَ الصِّرَاطِ وَمَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ قَالَ فَرَجَعْنَا وَقُلْنَا أَتَرَوْنَ هَذَا الشَّيْخَ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَوَارِجَ الطَّائِفَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمُبْتَدِعَةُ كَانُوا يُنْكِرُونَ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ الصَّحَابَةُ يُنْكِرُونَ إِنْكَارَهُمْ وَيُحَدِّثُونَ بِمَا سَمِعُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ ذَكَرُوا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الشَّفَاعَة فَقَالَ رجل انكم لتحدثوننا بِأَحَادِيثَ لَا نَجِدُ لَهَا فِي الْقُرْآنِ أَصْلًا فَغَضِبَ وَذَكَرَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِيهَا وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ بن عَبَّاسٍ خَطَبَ عُمَرُ فَقَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ أَنَسٌ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ وَلَا نُكَذِّبُ بِهَا كَمَا يُكَذِّبُ بهَا أهل حروراء يَعْنِي الْخَوَارِج قَالَ بن بَطَّالٍ أَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ الشَّفَاعَةَ فِي إِخْرَاجِ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنَ الْمُذْنِبِينَ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِأَنَّهَا فِي الْكُفَّارِ وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مُتَوَاتِرَةً وَدَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّفَاعَةُ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّ فَنَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَزَيَّفَهُ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ الَّذِي يَقُومُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُرِيحَهُمْ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ ثُمَّ أَخْرَجَ عِدَّةَ أَحَادِيث فِي بَعْضُهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَفِي بَعْضِهَا مُطْلَقُ الشَّفَاعَةِ فَمِنْهَا حَدِيثُ سَلْمَانَ قَالَ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ فِي أُمَّتِهِ فَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ رِشْدِينَ بن كريب عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ سُئِلَ عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هِيَ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ أَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ قَتَادَةَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنِّي لَأَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ إِذَا جِيءَ بِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً وَفِيهِ ثُمَّ يَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً فَأَلْبَسُهَا فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مَقَامًا لَا يَقُومُهُ أَحَدٌ يَغْبِطُنِي بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ وَمِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مقَاما مَحْمُودًا يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى عَرْشِهِ ثُمَّ أَسْنَدَهُ وَقَالَ الْأَوَّلُ أَوْلَى عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمَدْفُوعٍ لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ النّظر وَقَالَ بن عَطِيَّةَ هُوَ كَذَلِكَ إِذَا حُمِلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّ