يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَإِنَّمَا كَانَتْ إِرَادَةُ الشَّرِّ شرا لنهى الله عَنهُ والبارئ سُبْحَانَهُ لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ يَأْمُرُهُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُقَاسَ إِرَادَتُهُ عَلَى إِرَادَةِ الْمَخْلُوقِينَ وَأَيْضًا فَالْمُرِيدُ لِفِعْلٍ مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلْ مَا أَرَادَهُ آذن ذَلِك بعجزه وَضَعفه والبارئ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْعَجْزِ وَالضَّعْفِ فَلَوْ أَرَادَ الْإِيمَانَ مِنَ الْكَافِرِ وَلَمْ يُؤْمِنْ لَآذَنَ ذَلِكَ بِعَجْزٍ وَضَعْفٍ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر وَأُجِيبُوا بِأَنَّهُ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِمَنْ قَضَى اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ فَعِبَادُهُ عَلَى هَذَا الْمَلَائِكَةُ ومؤمنو الانس وَالْجِنّ وَقَالَ آخَرُونَ الْإِرَادَة غير الرِّضَا وَمعنى قَوْله وَلَا يرضى أَيْ لَا يَشْكُرُهُ لَهُمْ وَلَا يُثِيبُهُمْ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا فَهِيَ صِفَةُ فِعْلٍ وَقِيلَ مَعْنَى الرِّضَا أَنَّهُ لَا يَرْضَاهُ دِينًا مَشْرُوعًا لَهُمْ وَقِيلَ الرِّضَا صِفَةٌ وَرَاءَ الْإِرَادَةِ وَقِيلَ الْإِرَادَةُ تُطْلَقُ بِإِزَاءِ شَيْئَيْنِ إِرَادَةُ تَقْدِيرٍ وَإِرَادَةُ رِضًا وَالثَّانِيَةُ أَخَصُّ مِنَ الْأُولَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقِيلَ الرِّضَا مِنَ اللَّهِ إِرَادَةُ الْخَيْرِ كَمَا أَنَّ السُّخْطَ إِرَادَةُ الشَّرِّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ فَيُقَالُ لَهُ كَذَبْتَ مَعْنَاهُ لَوْ رَدَدْنَاكَ إِلَى الدُّنْيَا لَمَا افْتَدَيْتَ لِأَنَّكَ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ فَأَبَيْتَ وَيَكُونُ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَبِهَذَا يَجْتَمِعُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمثله مَعَه لافتدوا بِهِ قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ قَوْلِ الْإِنْسَانِ يَقُولُ اللَّهُ خِلَافًا لِمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّمَا يَجُوزُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ
[6539] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي خَيْثَمَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بعْدهَا مُثَلّثَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمِنَ الْجُعْفِيُّ قَوْلُهُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ هُوَ الطَّائِيُّ قَوْلُهُ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ظَاهِرُ الْخِطَابِ لِلصَّحَابَةِ وَيُلْتَحَقُ بِهِمُ الْمُؤْمِنُونَ كلهم سابقهم ومقصرهم أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن أَبِي جَمْرَةَ قَوْلُهُ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ فِي رِوَايَة وَكِيع عَن الْأَعْمَش عِنْد بن مَاجَهْ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا يَقُولُ وَبَيَّنَهُ فِي رِوَايَةِ مُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلَا تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا فَيَقُولُ بَلَى الْحَدِيثَ وَالتَّرْجُمَانُ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ فِي شَرْحِ قِصَّةِ هِرَقْلَ قَوْلُهُ ثُمَّ ينظر فَلَا يرى شَيْئا قُدَّامَهُ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ أَمَامَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ الْأَعْمَشِ فِي التَّوْحِيدِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ فَيَنْظُرُ ايمن مِنْهُ فَلَا يرى الا مَا قدم وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِلَفْظِ فَلَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ وَيَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخْتَصَرَةٌ وَرِوَايَةُ خَيْثَمَةَ مُفَسَّرَةٌ فَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَيْمَنَ وَأَشْأَمَ بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الظَّرْفِيَّة وَالْمرَاد بهما الْيَمين وَالشمَال قَالَ بن هُبَيْرَةَ نَظَرُ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ هُنَا كَالْمِثْلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ شَأْنِهِ إِذَا دَهَمَهُ أَمْرٌ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَشِمَالًا يَطْلُبُ الْغَوْثَ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الِالْتِفَاتِ أَنَّهُ يَتَرَجَّى أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا يَذْهَبُ فِيهَا لِيَحْصُلَ لَهُ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا يُفْضِي بِهِ إِلَى النَّارِ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ فِي رِوَايَةِ عِيسَى وَيَنْظُرُ بَين يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ يَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّار قَالَ بن هُبَيْرَةَ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّارَ تَكُونُ فِي مَمَرِّهِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحِيدَ عَنْهَا إِذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ قَوْلُهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ