بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُفَّارِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي حَدِيثِ بَعْثِ النَّارِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّرَاعِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَعَارَفِ وَقِيلَ هُوَ الذِّرَاعُ الْمَلَكِيُّ وَمَنْ تَأَمَّلَ الْحَالَةَ الْمَذْكُورَةَ عَرَفَ عِظَمَ الْهَوْلِ فِيهَا وَذَلِكَ أَنَّ النَّارَ تَحُفُّ بِأَرْضِ الْمَوْقِفِ وَتُدْنَى الشَّمْسُ مِنَ الرُّءُوسِ قَدْرَ مِيلٍ فَكَيْفَ تَكُونُ حَرَارَةُ تِلْكَ الْأَرْضِ وَمَاذَا يَرْوِيهَا مِنَ الْعَرَقِ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْهَا سَبْعِينَ ذِرَاعًا مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَجِدُ إِلَّا قَدْرَ مَوْضِعِ قَدَمِهِ فَكَيْفَ تَكُونُ حَالَةُ هَؤُلَاءِ فِي عَرَقِهِمْ مَعَ تَنَوُّعِهِمْ فِيهِ إِنَّ هَذَا لَمِمَّا يَبْهَرُ الْعُقُولَ وَيَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَيَقْتَضِي الْإِيمَانَ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ أَنْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ فِيهَا مَجَالٌ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهَا بِعَقْلٍ وَلَا قِيَاس ولاعادة وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْقَبُولِ وَيَدْخُلُ تَحْتَ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ وَمَنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ دَلَّ عَلَى خُسْرَانِهِ وَحِرْمَانِهِ وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ أَنْ يَتَنَبَّهَ السَّامِعُ فَيَأْخُذَ فِي الْأَسْبَابِ الَّتِي تُخَلِّصُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَهْوَالِ وَيُبَادِرَ إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ التَّبِعَاتِ وَيَلْجَأَ إِلَى الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ فِي عَوْنِهِ عَلَى أَسْبَابِ السَّلَامَةِ وَيَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ فِي سَلَامَتِهِ مِنْ دَارِ الهوان وادخاله دَار الْكَرَامَة بمنه وَكَرمه

(قَوْلُهُ بَابُ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)

الْقِصَاصُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِمُهْمَلَتَيْنِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ أَوْ مِنِ اقْتِصَاصِ الْأَثَرِ وَهُوَ تَتَبُّعُهُ لِأَنَّ الْمُقْتَصَّ يَتَتَبَّعُ جِنَايَةَ الْجَانِي لِيَأْخُذَ مِثْلَهَا يُقَالُ اقْتَصَّ مِنْ غَرِيمِهِ وَاقْتَصَّ الْحَاكِمُ لِفُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ قَوْلُهُ وَهِيَ الْحَاقَّةُ الضَّمِيرُ لِلْقِيَامَةِ قَوْلُهُ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الْأُمُورِ الْحَقَّةُ وَالْحَاقَّةُ وَاحِدٌ هَذَا أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْفَرَّاءِ قَالَ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ الْحَاقَّةُ الْقِيَامَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَان فِيهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015