عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ رَفَعَهُ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ وَفِيهِ فَيُقَالُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَذَاكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبَا وَكَذَا رَأَيْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِمِثْلِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ رُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ طَلْحَةَ بْنِ الصَّقْرِ وَأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى نَحْوَهُ فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَابِعًا وَقَدْ ظَفِرْتُ بِهِ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهِجْرِيِّ وَفِيهِ مَقَالٌ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ فَالتَّخْصِيصُ بِعَدَدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْعَدَدَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ تَقْلِيلُ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكْثِيرُ عَدَدِ الْكَافِرِينَ قُلْتُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةٍ فَإِنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدُلُّ عَلَى عَشَرَةٍ فَالْحُكْمُ لِلزَّائِدِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْأَخِيرِ أَنْ لَا يُنْظَرَ إِلَى الْعَدَدِ أَصْلًا بَلِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْلِيلِ الْعَدَدِ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ أُخَرَ وَهُوَ حَمْلُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى جَمِيعِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَحَمْلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى مَنْ عَدَا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَشَرَةٌ وَيُقَرِّبُ ذَلِكَ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ذَكَرُوا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ دُونَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَالثَّانِي بِخُصُوصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيُقَرِّبُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا اخذ منا لَكِن فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا أُمَّتِي جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَقَعَ الْقِسْمَةُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَمَرَّةً مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ فَقَطْ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ عَشَرَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِبَعْثِ النَّارِ الْكُفَّارَ وَمَنْ يَدْخُلُهَا مِنَ الْعُصَاةِ فَيَكُونُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ كَافِرًا وَمَنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ عَاصِيًا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ وَسَاقَ إِلَى قَوْله قَوْلِهِ شَدِيد ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الْمَوْقِفِ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا حَمْلَ فِيهِ وَلَا وَضْعَ وَلَا شَيْبَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ ذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَالتَّهْوِيلِ وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِيهِ وَجْهَانِ لِلْعُلَمَاءِ فَذَكَرَهُمَا وَقَالَ التَّقْدِيرُ أَنَّ الْحَالَ يَنْتَهِي إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ النِّسَاءُ حِينَئِذٍ حَوَامِلَ لَوَضَعَتْ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ أَصَابَنَا أَمْرٌ يَشِيبُ مِنْهُ الْوَلِيدُ وَأَقُولُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ فَتُبْعَثُ الْحَامِلُ حَامِلًا وَالْمُرْضِعُ مُرْضِعَةً وَالطِّفْلُ طِفْلًا فَإِذَا وَقَعَتْ زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ وَقِيلَ ذَلِكَ لِآدَمَ وَرَأَى النَّاسُ آدَمَ وَسَمِعُوا مَا قِيلَ لَهُ وَقَعَ بِهِمْ مِنَ الْوَجَلِ مَا يَسْقُطُ مَعَهُ الْحَمْلُ وَيَشِيبُ لَهُ الطِّفْلُ وَتَذْهَلُ بِهِ الْمُرْضِعَةُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ خَاصًّا بِالْمَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فَذَاكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْآيَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ مَا يُتَخَيَّلُ مِنْ طُولِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ قِيَامِ السَّاعَةِ وَاسْتِقْرَارِ النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ وَنِدَاءِ آدَمَ لِتَمْيِيزِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ مُتَقَارِبًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذا هم بالساهرة يَعْنِي أَرْضَ الْمَوْقِفِ وَقَالَ تَعَالَى يَوْمًا يَجْعَلُ الْولدَان شيبا السَّمَاء منفطر بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ مِنْ أَهْوَالٍ وَزَلْزَلَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّار وَقَرِيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015