(قَوْلُهُ بَابُ الْحَشْرِ)

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْحَشْرُ الْجَمْعُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ حَشْرَانِ فِي الدُّنْيَا وَحَشْرَانِ فِي الْآخِرَةِ فَالَّذِي فِي الدُّنْيَا أَحَدُهُمَا الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر وَالثَّانِي الْحَشْرُ الْمَذْكُورُ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رَفَعَهُ إِنَّ السَّاعَةَ لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَهُ وَفِي حَدِيثِ بن عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى مَرْفُوعًا تَخْرُجُ نَارٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ فَتَسُوقُ النَّاسَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تُرَحِّلُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ قُلْتُ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي مَسَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لَمَّا أَسْلَمَ أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمُغْرِبِ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْإِشَارَةَ إِلَيْهِ فِي بَابِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الْحَاكِمِ رَفَعَهُ تُبْعَثُ نَارٌ عَلَى أَهْلِ الْمَشْرِقِ فَتَحْشُرُهُمْ إِلَى الْمُغْرِبِ تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَيَكُونُ لَهَا مَا سَقَطَ مِنْهُمْ وَتَخَلَّفَ تَسُوقُهُمْ سَوْقَ الْجَمَلِ الْكَسِيرِ وَقَدْ أَشْكَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَظَهَرَ لِي فِي وَجْهِ الْجَمْعِ أَنَّ كَوْنَهَا تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ لَا يُنَافِي حَشْرَهَا النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمُغْرِبِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْتِدَاءَ خُرُوجِهَا مِنْ قَعْرِ عَدَنَ فَإِذَا خَرَجَتِ انْتَشَرَتْ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ إِرَادَةُ تَعْمِيمِ الْحَشْرِ لَا خُصُوصِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَوْ أَنَّهَا بَعْدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015