عَلَى أَصْحَابِ الْهَيْئَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ أَنَّ الشَّمْسَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْفَلَكِيَّاتِ بَسِيطَةٌ لَا يَخْتَلِفُ مُقْتَضَيَاتُهَا وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا تَغْيِيرُ مَا هِيَ عَلَيْهِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَقَوَاعِدُهُمْ مَنْقُوضَةٌ وَمُقَدِّمَاتُهُمْ مَمْنُوعَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا فَلَا امْتِنَاعَ مِنِ انْطِبَاقِ مِنْطِقَةِ الْبُرُوجِ الَّتِي هِيَ مُعَدَّلُ النَّهَارِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَشْرِقُ مَغْرِبًا وَبِالْعَكْسِ وَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْكَشَّافِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِلْمُعْتَزِلَةِ فَقَالَ قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قبل صِفَةٌ لِقولِهِ نَفْسًا وَقَوْلُهُ أَوْ كَسَبَتْ فِي ايمانها خيرا عطف على آمَنت وَالْمعْنَى أَنَّ أَشْرَاطَ السَّاعَةِ إِذَا جَاءَتْ وَهِيَ آيَاتٌ مُلْجِئَةٌ لِلْإِيمَانِ ذَهَبَ أَوَانُ التَّكْلِيفِ عِنْدَهَا فَلَمْ يَنْفَعِ الْإِيمَانُ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ مُقَدِّمَةِ إِيمَانِهَا قَبْلَ ظُهُورِ الْآيَاتِ أَوْ مُقَدِّمَةِ إِيمَانِهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلَمْ يُفَرِّقْ كَمَا تَرَى بَيْنَ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ وَبَيْنَ النَّفْسِ الَّتِي آمَنَتْ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ تَكْتَسِبْ خَيْرًا لِيُعْلَمَ ان قَوْله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جَمْعٌ بَيْنَ قَرِينَتَيْنِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْفَكَّ إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى حَتَّى يَفُوزَ صَاحِبُهَا وَيَسْعَدَ وَإِلَّا فَالشِّقْوَةُ وَالْهَلَاكُ قَالَ الشِّهَابُ السَّمِينُ قَدْ أَجَابَ النَّاسُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ أَنَّهُ إِذَا أَتَى بَعْضُ الْآيَاتِ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا كَافِرَةً إِيمَانُهَا الَّذِي أَوْقَعَتْهُ إِذْ ذَاكَ وَلَا يَنْفَعُ نَفْسًا سَبْقُ إِيمَانِهَا وَلَمْ تَكْسِبْ فِيهِ خَيْرًا فَقَدْ عَلَّقَ نَفْيَ نَفْعِ الْإِيمَانِ بِأَحَدِ وَصْفَيْنِ إِمَّا نَفْيُ سَبْقِ الْإِيمَانِ فَقَطْ وَإِمَّا سَبْقُهُ مَعَ نَفْيِ كَسْبِ الْخَيْرِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَنْفَعُ الْإِيمَانُ السَّابِقُ وَحْدَهُ وَكَذَا السَّابِقُ وَمَعَهُ الْخَيْرُ وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ قَوِيٌّ فَيُسْتَدَلُّ بِالْآيَةِ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَيَكُونُ فِيهِ قَلْبُ دَلِيلِ الْمُعْتَزِلَةِ دَلِيلا عَلَيْهِم وَأجَاب بن الْمُنِيرِ فِي الِانْتِصَافِ فَقَالَ هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْبَلَاغَةِ يُلَقَّبُ اللَّفَّ وَأَصْلُهُ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ