مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ بِأَنَّهُ سَلِمَ مِنِ انْتِقَامِ اللَّهِ فَقَدْ تَكُونُ مُصِيبَتُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِ كَالْمُصِيبَةِ فِي الدِّينِ مَثَلًا قَالَ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ الْفَرَائِضَ الظَّاهِرَةَ فِعْلًا كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ وَتَرْكًا كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْبَاطِنَةِ كَالْعِلْمِ بِاللَّهِ وَالْحُبِّ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهِيَ تَنْقَسِمُ أَيْضًا إِلَى أَفْعَالٍ وَتُرُوكٍ قَالَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ اطِّلَاعِ الْوَلِيِّ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ بِإِطْلَاعِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلُهُ تَعَالَى عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ بَعْضِ أَتْبَاعِهِ مَعَهُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِصِدْقِ قَوْلِنَا مَا دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ الْيَوْمَ إِلَّا الْوَزِيرُ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَهُ بَعْضُ خَدَمِهِ قُلْتُ الْوَصْفُ الْمُسْتَثْنَى لِلرَّسُولِ هُنَا إِنْ كَانَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ رَسُولًا فَلَا مُشَارَكَةَ لِأَحَدٍ مِنْ أَتْبَاعِهِ فِيهِ إِلَّا مِنْهُ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ مَا قَالَ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى تَنْبِيهٌ أَشْكَلَ وَجْهُ دُخُولِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ التَّوَاضُعِ حَتَّى قَالَ الدَّاوُدِيُّ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ التَّوَاضُعِ فِي شَيْءٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُنَاسِبُ إِدْخَالُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ مُجَاهَدَةُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِذَلِكَ تَرْجَمَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الزُّهْدِ فَقَالَ فَصْلٌ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الطَّاعَةِ وَمُلَازَمَةِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْبُخَارِيِّ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِغَايَةِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْكِرْمَانِيُّ ثَانِيهَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فَقَالَ قِيلَ التَّرْجَمَةُ مُسْتَفَادَةٌ مِمَّا قَالَ كُنْتُ سَمْعَهُ وَمِنَ التَّرَدُّدِ قُلْتُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ جَوَابٌ ثَالِثٌ وَيَظْهَرُ لِي رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّهَا تُسْتَفَادُ مِنْ لَازِمِ قَوْلِهِ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الزَّجْرَ عَنْ مُعَادَاةِ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَلْزِمِ لِمُوَالَاتِهِمْ وَمُوَالَاةِ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ لَا تَتَأَتَّى إِلَّا بِغَايَةِ التَّوَاضُعِ إِذْ مِنْهُمُ الْأَشْعَثُ الْأَغْبَرُ الَّذِي لَا يُؤْبَهُ لَهُ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَى التَّوَاضُعِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ لَكِنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى شَرْطِهِ فَاسْتَغْنَى عَنْهَا بِحَدِيثَيِ الْبَابِ مِنْهَا حَدِيثُ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ تَعَالَى إِلَّا رَفَعَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَالتِّرْمِذِيُّ وَمِنْهَا حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ بن ماجة وَصَححهُ بن حبَان