بِتَخَطِّيهِ فَالْجَنَّةُ لَا يُتَوَصَّلُ إِلَيْهَا إِلَّا بِقَطْعِ مَفَاوِزِ الْمَكَارِهِ وَالنَّارُ لَا يُنَجَّى مِنْهَا إِلَّا بترك الشَّهَوَات وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّهَوَاتِ جُعِلَتْ عَلَى حِفَافَيِ النَّارِ وَهِيَ جَوَانِبُهَا وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا ضُرِبَ بِهَا الْمِثْلُ فَجَعَلَهَا فِي جَوَانِبِهَا مِنْ خَارج وَلَو كَانَ ذَلِك مَا كَانَ مَثَلًا صَحِيحًا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ دَاخِلٍ وَهَذِه صورتهَا المكاره الشَّهَوَات فَمَنِ اطَّلَعَ الْحِجَابَ فَقَدْ وَاقِعَ مَا وَرَاءَهُ وَكُلُّ مَنْ تَصَوَّرَهَا مِنْ خَارِجٍ فَقَدْ ضَلَّ عَنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ الْأَعْمَى عَنِ التَّقْوَى الَّذِي قَدْ أَخَذَتِ الشَّهَوَاتُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ يَرَاهَا وَلَا يَرَى النَّارَ الَّتِي هِيَ فِيهَا وَذَلِكَ لِاسْتِيلَاءِ الْجَهَالَةِ وَالْغَفْلَةِ عَلَى قَلْبِهِ فَهُوَ كَالطَّائِرِ يَرَى الْحَبَّةَ فِي دَاخِلِ الْفَخِّ وَهِيَ مَحْجُوبَةٌ بِهِ وَلَا يَرَى الْفَخَّ لِغَلَبَةِ شَهْوَةِ الْحَبَّةِ عَلَى قَلْبِهِ وَتَعَلُّقِ بَالِهِ بِهَا قُلْتُ بَالَغَ كَعَادَتِهِ فِي تَضْلِيلِ مَنْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَيْسَ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ بِبَعِيدٍ وَأَنَّ الشَّهَوَاتِ عَلَى جَانِبِ النَّارِ مِنْ خَارِجٍ فَمَنْ وَاقَعَهَا وَخَرَقَ الْحِجَابَ دَخَلَ النَّارَ كَمَا أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي مُحْتَمَلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيه أَدخل بن بَطَّالٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَيِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَحَذَفَ التَّرْجَمَةَ الَّتِي تَلِيهِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ وَفِيهَا الْحَدِيثَانِ وَلَيْسَ فِي الَّذِي قبلهَا الا حَدِيث أبي هُرَيْرَة
هَذِه التَّرْجَمَة حذفهَا بن بَطَّالٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ فِيهَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهَا وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ لَكِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ التَّفْرِقَةُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ
[6488] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ هُوَ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ وَسُفْيَانُ شَيْخُهُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَعبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ قَوْلُهُ شِرَاك تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَبَيَانُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ وَأَنَّهُ السَّيْرُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ إِصْبَعُ الرَّجُلِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى كُلِّ سَيْرٍ وُقِيَ بِهِ الْقَدَمُ قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ الطَّاعَةَ مُوصِلَةٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَنَّ الْمَعْصِيَةَ مُقَرِّبَةٌ إِلَى النَّارِ وَأَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ قَدْ تَكُونُ فِي أَيْسَرِ الْأَشْيَاءِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَرِيبًا حَدِيثُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْحَدِيثَ فَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَزْهَدَ فِي قَلِيلٍ مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَلَا فِي قَلِيلٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَجْتَنِبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْحَسَنَةَ الَّتِي يَرْحَمُهُ اللَّهُ بِهَا وَلَا السَّيِّئَةَ الَّتِي يَسْخَطُ عَلَيْهِ بِهَا وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ تَحْصِيلَ الْجَنَّةِ سَهْلٌ بِتَصْحِيحِ الْقَصْدِ وَفِعْلِ الطَّاعَةِ وَالنَّارُ كَذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ الْهَوَى وَفِعْلِ الْمَعْصِيَةِ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَة