(قَوْلُهُ بَابُ الصَّبْرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ)

يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُوَاظَبَةُ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَالْكَفُّ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَذَلِكَ يَنْشَأُ عَنْ عِلْمِ الْعَبْدِ بِقُبْحِهَا وَأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا صِيَانَةً لِعَبْدِهِ عَنِ الرَّذَائِلِ فَيَحْمِلُ ذَلِكَ الْعَاقِلَ عَلَى تَرْكِهَا وَلَوْ لَمْ يَرِدْ عَلَى فِعْلِهَا وَعِيدٌ وَمِنْهَا الْحَيَاءُ مِنْهُ وَالْخَوْفُ مِنْهُ أَنْ يُوقِعَ وَعِيدَهُ فَيَتْرُكُهَا لِسُوءِ عَاقِبَتِهَا وَأَنَّ الْعَبْدَ مِنْهُ بِمَرْأًى وَمَسْمَعٍ فَيَبْعَثُهُ ذَلِكَ عَلَى الْكَفِّ عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ وَمِنْهَا مُرَاعَاةُ النِّعَمِ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ غَالِبًا تَكُونُ سَبَبًا لِزَوَالِ النِّعْمَةِ وَمِنْهَا مَحَبَّةُ اللَّهِ فَإِنَّ الْمُحِبَّ يُصَيِّرُ نَفْسَهُ عَلَى مُرَادِ مَنْ يُحِبُّ وَأَحْسَنُ مَا وُصِفَ بِهِ الصَّبْرُ أَنَّهُ حَبْسُ النَّفْسِ عَنِ الْمَكْرُوهِ وَعَقْدُ اللِّسَانِ عَنِ الشَّكْوَى وَالْمُكَابَدَةُ فِي تَحَمُّلِهِ وَانْتِظَارُ الْفَرَجِ وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الصَّابِرِينَ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ حَدِيثُ الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ مُعَلَّقًا قَالَ الرَّاغِبُ الصَّبْرُ الْإِمْسَاكُ فِي ضِيقٍ صَبَرْتُ الشَّيْءَ حَبَسْتُهُ فَالصَّبْرُ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ أَوِ الشَّرْعُ وَتَخْتَلِفُ مَعَانِيهِ بِتَعَلُّقَاتِهِ فَإِنْ كَانَ عَنْ مُصِيبَةٍ سُمِّيَ صَبْرًا فَقَطْ وَإِنْ كَانَ فِي لِقَاءِ عَدُوٍّ سُمِّيَ شَجَاعَةً وَإِنْ كَانَ عَنْ كَلَامٍ سُمِّيَ كِتْمَانًا وَإِنْ كَانَ عَنْ تَعَاطِي مَا نُهِيَ عَنْهُ سُمِّيَ عِفَّةً قُلْتُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا قَوْلُهُ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَفِي نُسْخَةٍ عَزَّ وَجَلَّ وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِلتَّرْجَمَةِ انها صدرت بقوله تَعَالَى قل يَا عبَادي الَّذين آمنُوا اتَّقوا ربكُم وَمَنِ اتَّقَى رَبَّهُ كَفَّ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَفَعَلَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ حِسَابٍ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّكْثِيرِ قَوْلُهُ وَقَالَ عُمَرُ وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَالْأَصْلُ فِي الصَّبْرِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي وَقَدْ وَصَلَهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا الصَّبْرَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهِ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ وَالصَّبْرُ إِنْ عُدِّيَ بِعَنْ كَانَ فِي الْمَعَاصِي وَإِنْ عُدِّيَ بِعَلَى كَانَ فِي الطَّاعَاتِ وَهُوَ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَفِي أَثَرِ عُمَرَ شَامِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَالتَّرْجَمَةُ لِبَعْضِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

[6470] قَوْلُهُ أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَن بن شِهَابٍ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مِنْهُمْ أَبَا سَعِيدٍ وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015