هُوَ فِي اللُّغَةِ بِالْفَتْحِ وَرُوِّينَاهُ بِالضَّمِّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِبْلَاغُ بِالشَّيْءِ إِلَى غَايَتِهِ يُقَالُ كَلِفْتُ بِالشَّيْءِ إِذَا أَوْلَعْتَ بِهِ وَنَقَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ رَوِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ أَكَلَفَ بِالشَّيْءِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْكَلَفُ بِالشَّيْءِ التَّوَلُّعُ بِهِ فَاسْتُعِيرَ لِلْعَمَلِ لِلِالْتِزَامِ وَالْمُلَابَسَةِ وَأَلِفُهُ أَلِفُ وَصْلٍ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُدِيمَ لِلْعَمَلِ يُلَازِمُ الْخِدْمَةَ فَيُكْثِرُ التَّرَدُّدَ إِلَى بَابِ الطَّاعَةِ كُلَّ وَقْتٍ لِيُجَازَى بِالْبِرِّ لِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ فَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ لَازَمَ الْخِدْمَةَ مَثَلًا ثُمَّ انْقَطَعَ وَأَيْضًا فَالْعَامِلُ إِذَا تَرَكَ الْعَمَلَ صَارَ كَالْمُعْرِضِ بَعْدَ الْوَصْلِ فَيَتَعَرَّضُ لِلذَّمِّ وَالْجَفَاءِ وَمِنْ ثُمَّ وَرَدَ الْوَعِيدُ فِي حَقِّ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ هُنَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ قَوْلُهُ مَا تُطِيقُونَ أَيْ قَدْرَ طَاقَتِكُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْجِدِّ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِبْلَاغِ بِهَا إِلَى حَدِّ النِّهَايَةِ لَكِنْ بِقَيْدِ مَالا تَقَعُ مَعَهُ الْمَشَقَّةُ الْمُفْضِيَةُ إِلَى السَّآمَةِ وَالْمَلَالِ الحَدِيث السَّادِس
[6466] قَوْله جرير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ وعلقمة هُوَ بن قَيْسٍ وَهُوَ خَالُ إِبْرَاهِيمَ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ إِلَى عَائِشَةَ كُوفِيُّونَ قَوْلُهُ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ أَيْ بِعِبَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ لَا يَفْعَلُ مِثْلَهَا فِي غَيْرِهِ قَالَتْ لَا وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَا ثَبَتَ عَنْهَا أَنَّ أَكْثَرَ صِيَامِهِ كَانَ فِي شَعْبَانَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَبِأَنَّهُ كَانَ يَصُومُ أَيَّامَ الْبِيضِ كَمَا ثَبَتَ فِي السُّنَنِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهَا تَخْصِيصُ عِبَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ وَإِكْثَارُهُ الصِّيَامَ فِي شَعْبَانَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْتَرِيهِ الْوَعْكُ كَثِيرًا وَكَانَ يُكْثِرُ السَّفَرَ فِي الْغَزْوِ فَيُفْطِرُ بَعْضَ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَصُومَهَا فَيَتَّفِقُ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ قَضَاءِ ذَلِكَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ فَيَصِيرُ صِيَامُهُ فِي شَعْبَانَ بِحَسَبِ الصُّورَةِ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا أَيَّامُ الْبِيضِ فَلَمْ يَكُنْ يُوَاظِبُ عَلَى صِيَامِهَا فِي أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا بَلْ كَانَ رُبَّمَا صَامَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَرُبَّمَا صَامَ مِنْ وَسَطِهِ وَرُبَّمَا صَامَ مِنْ آخِرِهِ وَلِهَذَا قَالَ أَنَسٌ مَا كُنْتَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ صَائِمًا مِنَ النَّهَارِ إِلَّا رَأَيْتَهُ وَلَا قَائِمًا مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا رَأَيْتَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا كُلُّهُ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ الصِّيَامِ أَيْضًا قَوْلُهُ كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ دَائِمًا وَالدِّيمَةُ فِي الْأَصْلِ الْمَطَرُ الْمُسْتَمِرُّ مَعَ سُكُونٍ بِلَا رَعْدٍ وَلَا بَرْقٍ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ وَأَصْلُهَا الْوَاوُ فَانْقَلَبَتْ بِالْكَسْرَةِ قَبْلَهَا يَاءً قَوْلُهُ وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ إِلَخْ أَيْ فِي الْعِبَادَةِ كَمِّيَّةً كَانَتْ أَوْ كَيْفِيَّةً مِنْ خُشُوعٍ وَخُضُوعٍ وَإِخْبَاتٍ وَإِخْلَاصٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ السَّابِعُ
[6467] قَوْلُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ بِكَسْرِ الزَّايِ وَالرَّاءِ بَيْنَهُمَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَبِالْقَافِ هُوَ أَبُو هَمَّامٍ الْأَهْوَازِيُّ وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالَّدارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ صَدُوقٌ وَذَكَرَهُ بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ رُبَّمَا أَخْطَأَ وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَقَدْ تُوبِعَ فِيهِ قَوْلُهُ قَالَ أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ هُوَ سَالِمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَدَنِيُّ التَّيْمِيُّ وَفَاعِلُ أَظُنُّهُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَكَأَنَّهُ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَنَّ بَيْنَهُمَا فِيهِ وَاسِطَةً وَهُوَ أَبُو النَّضْرِ لَكِنْ قَدْ ظَهَرَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنْ لَا وَاسِطَة لتصريح وهيب وَهُوَ بن خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بِقَوْلِهِ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ وَهَذَا هُوَ النُّكْتَةُ فِي إِيرَادِ الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ بَعْدَهَا عَنْ عَفَّانَ عَنْ وُهَيْبٍ وَطَرِيقُ عَفَّانَ هَذِهِ وَصَلَهَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بِسَنَدِهِ وَأَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ عَنْ عَفَّانَ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنْ طَرِيقِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ وُهَيْبٍ قَوْلُهُ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا هَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَى طَرَفِ الْمَتْنِ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ بَيَانُ اتِّصَالِ السَّنَدِ فَاكْتَفَى وَقَدْ سَاقَهُ أَحْمَدُ بِتَمَامِهِ عَنْ عَفَّانَ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي هَمَّامٍ سَوَاءً لَكِنْ قَدَّمَ وَأَخَّرَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ بَهْزٍ وَزَادَ فِي