بِالْبَرَكَةِ قَالَ فَقَبَضَ ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ خُذْهُنَّ فَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدٍ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُنَّ فَأَدْخِلْ يَدَكَ فَخُذْ وَلَا تَنْثُرْ بِهِنَّ نَثْرًا فَحَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكُنَّا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ وَكَانَ الْمِزْوَدُ مُعَلَّقًا بِحَقْوِي لَا يُفَارِقُهُ فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْقَطَعَ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُطَوَّلًا وَفِيهِ فَأَدْخِلْ يدك فَخذ وَلَا تكفيء فَيُكْفَأَ عَلَيْكَ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَنَحْوَهُ مَا وَقَعَ فِي عُكَّةِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أُمَّ مَالِكٍ كَانَتْ تُهْدِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الْأُدْمَ فَتَعْمَدُ إِلَى الْعُكَّةِ فَتَجِدُ فِيهَا سَمْنًا فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا أُدْمَ بَيْتِهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ تَرَكْتِهَا مَا زَالَ قَائِمًا وَقَدِ اسْتَشْكَلَ هَذَا النَّهْيُ مَعَ الْأَمْرِ بِكَيْلِ الطَّعَامِ وَتَرْتِيبِ الْبَرَكَةِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ مِنْ حَدِيث الْمِقْدَام بن معد يكرب بِلَفْظِ كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَيْلَ عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ مَطْلُوبٌ مِنْ أَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِهَذَا الْقَصْدِ يُنْدَبُ وَأَمَّا الْكَيْلُ عِنْدَ الْإِنْفَاقِ فَقَدْ يَبْعَثُ عَلَيْهِ الشُّحُّ فَلِذَلِكَ كُرِهَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ سَبَبُ رَفْعِ النَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَصْرِ وَالْكَيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الِالْتِفَاتُ بِعَيْنِ الْحِرْصِ مَعَ مُعَايَنَةِ إِدْرَارِ نِعَمِ اللَّهِ وَمَوَاهِبِ كَرَامَاتِهِ وَكَثْرَةِ بَرَكَاتِهِ وَالْغَفْلَةُ عَنِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا وَالثِّقَةُ بِالَّذِي وَهَبَهَا وَالْمَيْلُ إِلَى الْأَسْبَابِ الْمُعْتَادَةِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ خَرْقِ الْعَادَةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ رُزِقَ شَيْئًا أَوْ أُكْرِمَ بِكَرَامَةٍ أَوْ لُطِفَ بِهِ فِي أَمْرٍ مَا فَالْمُتَعَيِّنُ عَلَيْهِ مُوَالَاةُ الشُّكْرِ وَرُؤْيَةُ الْمِنَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يُحْدِثُ فِي تِلْكَ الْحَالة تغييرا وَالله اعْلَم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015