الْخَيْرَاتِ فَفِي الْأَوَّلِ طَلَبُ الزَّحْزَحَةِ عَنِ النَّارِ وَفِي الثَّانِي طَلَبُ إِدْخَالِ الْجَنَّةِ وَهَذَا هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم وَقَالَ بن أبي جَمْرَة مَا مُلَخَّصُهُ فِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَفَضْلُ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ عَلَى غَيْرِهِ وَطَلَبُ التَّعْلِيمِ مِنَ الْأَعْلَى وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ يَعْرِفُ ذَلِكَ النَّوْعَ وَخَصَّ الدُّعَاءَ بِالصَّلَاةِ لِقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ يَنْظُرُ فِي عِبَادَتِهِ إِلَى الْأَرْفَعِ فَيَتَسَبَّبُ فِي تَحْصِيلِهِ وَفِي تَعْلِيمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ هَذَا الدُّعَاءَ إِشَارَةٌ إِلَى إِيثَارِ أَمْرِ الْآخِرَةِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا وَلَعَلَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ حَالِ أَبِي بَكْرٍ وَإِيثَارِهِ أَمْرَ الْآخِرَةِ قَالَ وَفِي قَوْلِهِ ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَيْ لَيْسَ لِي حِيلَةٌ فِي دَفْعِهِ فَهِيَ حَالَةُ افْتِقَارٍ فَأَشْبَهَ حَالَ الْمُضْطَرِّ الْمَوْعُودِ بِالْإِجَابَةِ وَفِيهِ هَضْمُ النَّفْسِ وَالِاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِيرِ وَتَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ فَوَائِدِهِ هُنَاكَ وحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بهَا قَالَ أُنْزِلَتْ فِي الدُّعَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي تَفْسِير سُبْحَانَ وَعلي شَيْخه هُوَ بن سَلَمَةَ كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ الْمَائِدَةِ وَحَدِيث عبد الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَأَخَذَ التَّرْجَمَةَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ نَصٌّ فِي الْمَطْلُوبِ وَالثَّانِيَ يُسْتَفَادُ مِنْهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الدَّاعِي وَهِيَ عَدَمُ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ فَيُسْمِعُ نَفْسَهُ وَلَا يُسْمِعُ غَيْرَهُ وَقِيلَ لِلدُّعَاءِ صَلَاةٌ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا بِدَعَاءٍ فَهُوَ مِنْ تَسْمِيَةِ بَعْضِ الشَّيْءِ بِاسْمِ كُلِّهِ وَالثَّالِثَ فِيهِ الْأَمْرُ بِالدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالثَّنَاءِ الدُّعَاءُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّشَهُّدِ بِلَفْظِ فَلْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ وَوَرَدَ الْأَمْرُ أَيْضًا بِالدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وَفِيهِ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَنْ يُثْنِيَ عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَدْعُ بِمَا شَاءَ وَمُحَصَّلُ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَ يَدْعُو فِيهَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ سِتَّةُ مَوَاطِنَ الْأَوَّلُ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ الْحَدِيثُ الثَّانِي فِي الِاعْتِدَالِ فَفِيهِ حَدِيثُ بن أَبِي أَوْفَى عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ الثَّالِثُ فِي الرُّكُوعِ وَفِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَخْرَجَاهُ الرَّابِعُ فِي السُّجُودِ وَهُوَ أَكْثَرُ مَا كَانَ يَدْعُو فِيهِ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ فِيهِ الْخَامِسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي السَّادِسُ فِي التَّشَهُّدِ وَسَيَأْتِي وَكَانَ أَيْضًا يَدْعُو فِي الْقُنُوتِ وَفِي حَالِ الْقِرَاءَةِ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِآيَة عَذَاب استعاذ