الرِّوَايَة الْأُخْرَى فَقَالُوا وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى الْكِرْمَانِيِّ حَيْثُ فَهِمَ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ أَنَّهُ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الشُّغْلِ بِالْحَرْبِ عَنْ قَوْلِ الذِّكْرِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فَإِنَّ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ فَأُنْسِيتُهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ نَسِيَهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ وَقَالَهَا فِي آخِرِهِ وَالْمُرَادُ بِلَيْلَةِ صِفِّينَ الْحَرْبُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ وَهِيَ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَأَقَامَ الْفَرِيقَانِ بِهَا عِدَّةَ أَشْهُرٍ وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقَعَاتٌ كَثِيرَةٌ لَكِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي اللَّيْلِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ بِوَزْنِ عَظِيمٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا كَانَ الْفُرْسَانُ يَهِرُّونَ فِيهَا وَقُتِلَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عِدَّةُ آلَافٍ وَأَصْبَحُوا وَقَدْ أَشْرَفَ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّصْرِ فَرَفَعَ مُعَاوِيَةُ وَأَصْحَابُهُ الْمَصَاحِفَ فَكَانَ مَا كَانَ مِنَ الِاتِّفَاقِ عَلَى التَّحْكِيمِ وَانْصِرَافِ كُلٍّ مِنْهُمْ إِلَى بِلَادِهِ وَاسْتَفَدْنَا مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ تَحْدِيثَ عَلِيٍّ بِذَلِكَ كَانَ بَعْدَ وَقْعَةِ صِفِّينَ بِمُدَّةٍ وَكَانَتْ صِفِّينُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَرَجَ الْخَوَارِجُ عَلَى عَلِيٍّ عَقِبَ التَّحْكِيمِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَقَتَلَهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَشْهُورٌ مَبْسُوطٌ فِي تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ فَائِدَةٌ زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعَ الذِّكْرِ الْمَأْثُورِ دُعَاءً آخَرَ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فِي تَهْذِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ خَادِمٍ تُسَبِّحِينَ فَذَكَرَهُ وَزَادَ وَتَقُولِينَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ لَكِنْ فَرَّقَهُ حَدِيثَيْنِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ لَكِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الذِّكْرِ الثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرِ التَّسْبِيحَ وَمَا مَعَهُ قَوْلُهُ وَعَنْ شُعْبَة عَن خَالِد هُوَ الْحذاء عَن بن سِيرِينَ هُوَ مُحَمَّدٌ قَالَ التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ هَذَا مَوْقُوف على بن سِيرِينَ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ وَظَنَّ بَعضهم انه من رِوَايَة بن سِيرِينَ بِسَنَدِهِ إِلَى عَلِيٍّ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامه وَذَلِكَ ان التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن حبَان اخْرُجُوا الحَدِيث الْمَذْكُور من طَرِيق بن عون عَن بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ لَكِنِ الَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ مِنْ قَول بن سِيرِينَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ لطريق بن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدَةَ تَعْيِينُ عَدَدِ التَّسْبِيحِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي يُوسُفُ فِي كِتَابِ الذِّكْرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِسَنَدِهِ هَذَا إِلَى بن سِيرِينَ مِنْ قَوْلِهِ فَثَبَتَ مَا قُلْتُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ عِنْدَ جَعْفَرٍ ان التحميداربع وَاتِّفَاقُ الرُّوَاةِ عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعَ لِلتَّكْبِيرِ أَرْجَحُ قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا نَوْعٌ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ جَمِيعُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَشَارَ لِأُمَّتِهِ بِالِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِهَا إِعْلَامًا مِنْهُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْحَضُّ وَالنَّدْبُ لَا الْوُجُوبُ وَقَالَ عِيَاضٌ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذْكَارٌ عِنْدَ النَّوْمِ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالْأَوْقَاتِ وَفِي كل فضل قَالَ بن بَطَّالٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ فَضَّلَ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى لِقولِهِ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ فَعَلَّمَهُمَا الذِّكْرَ فَلَوْ كَانَ الْغِنَى أَفْضَلَ مِنَ الْفَقْرِ لَأَعْطَاهُمَا الْخَادِمَ وَعَلَّمَهُمَا الذِّكْرَ فَلَمَّا مَنَعَهُمَا الْخَادِمَ وَقَصَرَهُمَا عَلَى الذِّكْرِ عُلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَ لَهُمَا الْأَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ قُلْتُ وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُدَّامِ فَضْلَةٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيْعِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ لِنَفَقَتِهِ عَلَى أَهْلِ الصِّفَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ عِيَاضٌ لَا وَجْهَ لِمَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ أَفْضَلُ مِنَ الْغَنِيِّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْخَيْرِيَّةِ فِي الْخَبَرِ فَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015