مَا يُسْتَجَاب وَمِنْهَا مَالا يُسْتَجَابُ وَقِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ تَخُصُّهُ لِدُنْيَاهُ أَوْ لِنَفْسِهِ كَقَوْلِ نُوحٍ لَا تَذَرْ عَلَى الأَرْض وَقَوْلِ زَكَرِيَّا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَقَوْلِ سُلَيْمَانَ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بعدِي حَكَاهُ بن التِّينِ وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ مَا لَفْظُهُ اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ دَعَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ مُسْتَجَابَةٌ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ دَعَا عَلَى أُمَّتِهِ بِالْإِهْلَاكِ إِلَّا أَنَا فَلَمْ أَدْعُ فَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ لِلصَّبْرِ عَلَى أَذَاهُمْ وَالْمُرَادُ بِالْأُمَّةِ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ لَا أُمَّةُ الْإِجَابَةِ وَتعقبه الطَّيِّبِيّ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ وَدَعَا عَلَى أُنَاسٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِأَسْمَائِهِمْ وَدَعَا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَدَعَا عَلَى مُضَرَ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً تُسْتَجَابُ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ فَنَالَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَإِنَّهُ لَمَّا دَعَا عَلَى بَعْضِ أُمَّتِهِ نَزَلَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم فَبَقِيَ تِلْكَ الدَّعْوَةُ الْمُسْتَجَابَةُ مُدَّخَرَةً لِلْآخِرَةِ وَغَالِبُ مَنْ دَعَا عَلَيْهِمْ لَمْ يُرِدْ إِهْلَاكَهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ رَدْعَهُمْ لِيَتُوبُوا وَأَمَّا جَزْمُهُ أَوَّلًا بِأَنَّ جَمِيعَ أَدْعِيَتِهِمْ مُسْتَجَابَةٌ فَفِيهِ غَفْلَةٌ عَنِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة الحَدِيث قَالَ بن بَطَّالٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضْلِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ حَيْثُ آثَرَ أُمَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ بِدَعْوَتِهِ الْمُجَابَةِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا أَيْضًا دُعَاءً عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ كَمَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ هَذَا مِنْ حُسْنِ تَصَرُّفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدَّعْوَةَ فِيمَا يَنْبَغِي وَمِنْ كَثْرَةِ كَرَمِهِ لِأَنَّهُ آثَرَ أُمَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمِنْ صِحَّةِ نَظَرِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا لِلْمُذْنِبِينَ مِنْ أُمَّتِهِ لِكَوْنِهِمْ أَحْوَجَ إِلَيْهَا مِنَ الطَّائِعِينَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ كَمَالُ شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ بِهِمْ وَاعْتِنَاؤُهُ بِالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِمْ فَجَعَلَ دَعَوْتَهُ فِي أَهَمِّ أَوْقَاتِ حَاجَتِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَهِيَ نَائِلَةٌ فَفِيهِ دَلِيلٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ مَنْ مَاتَ غَيْرَ مُشْرِكٍ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ وَلَوْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ

[6305] قَوْلُهُ وَقَالَ مُعْتَمِرٌ هُوَ بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْحُمَيْدِيُّ لَكِنْ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ فِي أَوَّلِهِ قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ فَعَلَى هَذَا هُوَ مُتَّصِلٌ وَقَدْ وَصَلَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مُعْتَمِرِ قَوْلُهُ لكل نَبِي سَأَلَ سؤلا أَوْ قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ هَكَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ بَلْ أَحَالَ بِهِ عَلَى طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ أخرجه بن مَنْدَهْ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ وَمُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِمَا عَنْ مُعْتَمِرٍ بِالشَّكِّ وَلَفظه كل نَبِي قد سَأَلَ سؤلا أَوْ قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا الْحَدِيثَ وَلَفْظُ قَتَادَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لِكُلِّ نَبِي دَعْوَة دَعَاهَا لامته فَذكره وَلم يشك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015