هَذِهِ الْأَوَامِرُ لَمْ يَحْمِلْهَا الْأَكْثَرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَيَلْزَمُ أَهْلَ الظَّاهِرِ حَمْلُهَا عَلَيْهِ قَالَ وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالظَّاهِرِيِّ بَلِ الْحَمْلُ عَلَى الظَّاهِرِ إِلَّا لِمُعَارِضٍ ظَاهِرٍ يَقُولُ بِهِ أَهْلُ الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الظَّاهِرِ أَوْلَى بِالِالْتِزَامِ بِهِ لِكَوْنِهِمْ لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى الْمَفْهُومَاتِ وَالْمُنَاسَبَاتِ وَهَذِهِ الْأَوَامِرُ تَتَنَوَّعُ بِحَسَبِ مَقَاصِدِهَا فَمِنْهَا مَا يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَهُوَ التَّسْمِيَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمِنْهَا مَا يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَالْإِرْشَادِ مَعًا كَإِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ مِنْ أَجْلِ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ مِنْ مُخَالَطَةِ الشَّيْطَانِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ مَصَالِحُ دُنْيَوِيَّةٌ كَالْحِرَاسَةِ وَكَذَا إِيكَاءُ السِّقَاءِ وَتَخْمِيرُ الْإِنَاء وَالله اعْلَم

(قَوْلُهُ بَاب غَلْقِ الْأَبْوَابِ بِاللَّيْلِ)

فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَالجُّرْجَانِيِّ وَكَذَا لِكَرِيمَةَ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِغْلَاقُ وَهُوَ الْفَصِيحُ وَقَالَ عِيَاضٌ هُوَ الصَّوَابُ قُلْتُ لَكِنِ الْأَوَّلُ ثَبَتَ فِي لُغَةٍ نَادِرَةٍ

[6296] قَوْلُهُ همام هُوَ بن يحيى وَعَطَاء هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ قَوْلُهُ أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُهُ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيِّ وَغَلِّقُوا بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بِلَفْظِ أَجِيفُوا بِالْجِيمِ وَالْفَاءِ وَهِيَ بِمَعْنَى أَغْلِقُوا وَتَقَدَّمَ شَرْحُهَا فِي بَابِ ذِكْرِ الْجِنِّ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْأَمْرِ بِإِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ مِنَ الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ حِرَاسَةُ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ أَهْلِ الْعَبَثِ وَالْفَسَادِ وَلَا سِيَّمَا الشَّيَاطِينُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا فَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِغْلَاقِ لِمَصْلَحَةِ إِبْعَادِ الشَّيْطَانِ عَنِ الِاخْتِلَاطِ بِالْإِنْسَانِ وَخَصَّهُ بِالتَّعْلِيلِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا يَخْفَى مِمَّا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ جَانِبِ النُّبُوَّةِ قَالَ وَاللَّامُ فِي الشَّيْطَانِ لِلْجِنْسِ إِذْ لَيْسَ الْمُرَادُ فَرْدًا بِعَيْنِهِ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ قَالَ هَمَّامٌ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَلَوْ بِعُودٍ يَعْرُضُهُ وَهُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَزْمُ بِذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ فِي رِوَايَةِ بن جُرَيْجٍ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ وَزَادَ فِي كُلٍّ مِنَ الْأَوَامِرِ الْمَذْكُورَةِ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ شُرْبِ اللَّبَنِ مِنْ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ بَيَانُ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ حَمَلَهُ بن بَطَّالٍ عَلَى عُمُومِهِ وَأَشَارَ إِلَى اسْتِشْكَالِهِ فَقَالَ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يُعْطَ قُوَّةً عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أُعْطِيَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَهُوَ وُلُوجُهُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ الْآدَمِيُّ أَنْ يَلِجَ فِيهَا قُلْتُ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا قَبْلُ تَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَهُوَ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فِعْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ وَقَدْ تردد بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْإِلْمَام يَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْخَذَ قَوْلُهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا عَلَى عُمُومِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015