(قَوْلُهُ بَاب إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَا بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالْمُنَاجَاةِ)

أَيْ مَعَ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ وَسَقَطَ بَابٌ لِأَبِي ذَرٍّ وَعَطْفُ الْمُنَاجَاةِ عَلَى الْمُسَارَّةِ مِنْ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا مُغَايَرَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْمُسَارَّةَ وَإِنِ اقْتَضَتِ الْمُفَاعَلَةَ لَكِنَّهَا بِاعْتِبَارِ مَنْ يُلْقِي السِّرَّ وَمَنْ يُلْقَى إِلَيْهِ وَالْمُنَاجَاةُ تَقْتَضِي وُقُوعَ الْكَلَامِ سِرًّا مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَالْمُنَاجَاةُ أَخَصُّ مِنَ الْمُسَارَّةِ فَتَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ

[6290] قَوْله عَن عبد الله هُوَ بن مَسْعُود قَوْله فَلَا يَتَنَاجَى فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِجِيمٍ لَيْسَ بَعْدَهَا يَاءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ قَبْلَ بَابٍ قَوْلُهُ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ أَيْ يَخْتَلِطَ الثَّلَاثَةُ بِغَيْرِهِمْ وَالْغَيْرُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فَطَابَقَتِ التَّرْجَمَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا أَرْبَعَة لم يمْتَنع تناجي اثْنَيْنِ لَا مَكَان أَنْ يَتَنَاجَى الِاثْنَانِ الْآخَرَانِ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِيمَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن حبَان من طَرِيق أبي صَالح عَن بن عُمَرَ رَفَعَهُ قُلْتُ فَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً قَالَ لَا يَضُرُّهُ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَار كَانَ بن عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَارِرَ رَجُلًا وَكَانُوا ثَلَاثَةً دَعَا رَابِعًا ثُمَّ قَالَ لِلِاثْنَيْنِ اسْتَرِيحَا شَيْئًا فَإِنِّي سَمِعْتُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانُ فِي جَامِعِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَار نَحوه وَلَفظه فَكَانَ بن عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُنَاجِيَ رَجُلًا دَعَا آخَرَ ثُمَّ نَاجَى الَّذِي أَرَادَ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُنَاجِيَ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ دَعَا رَابِعًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ يَعْنِي سَوَاءً جَاءَ اتِّفَاقًا أَمْ عَنْ طَلَبٍ كَمَا فعل بن عُمَرَ قَوْلُهُ أَجْلَ أَنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ أَيْ مِنْ أَجْلِ وَكَذَا هُوَ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ بِزِيَادَةِ مِنْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ نَطَقُوا بِهَذَا اللَّفْظِ بِإِسْقَاطِ مِنْ وَذَكَرَ لِذَلِكَ شَاهِدًا وَيَجُوزُ كَسْرُ هَمْزَةِ إِنَّ ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ فَتْحُهَا قَالَ وَإِنَّمَا قَالَ يُحْزِنُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ نَجَوَاهُمَا إِنَّمَا هِيَ لِسُوءِ رَأْيِهِمَا فِيهِ أَوْ لِدَسِيسَةٍ غَائِلَةٍ لَهُ قُلْتُ وَيُؤْخَذُ مِنَ التَّعْلِيلِ اسْتِثْنَاءُ صُورَةٍ مِمَّا تقدم عَن بن عُمَرَ مِنْ إِطْلَاقِ الْجَوَازِ إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً وَهِيَ مِمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَ الْوَاحِدِ الْبَاقِي وَبَيْنَ الِاثْنَيْنِ مُقَاطَعَةٌ بِسَبَبٍ يُعْذَرَانِ بِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ فِي مَعْنَى الْمُنْفَرِدِ وَأَرْشَدَ هَذَا التَّعْلِيلُ إِلَى أَنَّ الْمُنَاجِيَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ إِذَا خَصَّ أَحَدًا بِمُنَاجَاتِهِ أَحْزَنَ الْبَاقِينَ امْتنَاع ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ لَا يقْدَح فِي الدّين وَقد نقل بن بَطَّالٍ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يَتَنَاجَى ثَلَاثَةٌ دُونَ وَاحِدٍ وَلَا عَشَرَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ نُهِيَ أَنْ يَتْرُكَ وَاحِدًا قَالَ وَهَذَا مُسْتَنْبَطٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِلْوَاحِدِ كَتَرْكِ الِاثْنَيْنِ لِلْوَاحِدِ قَالَ وَهَذَا مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ لِئَلَّا يَتَبَاغَضُوا وَيَتَقَاطَعُوا وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِي حَقِّ الْوَاحِدِ زَادَ الْقُرْطُبِيُّ بَلْ وُجُودُهُ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ أَمْكَنُ وَأَشَدُّ فَلْيَكُنِ الْمَنْعُ أَوْلَى وَإِنَّمَا خَصَّ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015