أَبِي طُوَالَةَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْهُ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْهُ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ وَكُلُّ ذَلِكَ شَاذٌّ وَالْمَحْفُوظُ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رِوَايَاتُ الْجُمْهُورِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا فِي الْأُولَى أَنْتِ مِنْهُمْ وَفِي الثَّانِيَةِ لَسْتِ مِنْهُمْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ حَيْثُ قَالَ فِي الْأُولَى يَغْزُونَ هَذَا الْبَحْرَ وَفِي الثَّانِيَةِ يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ قَوْلُهُ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ زَادَ فِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ وَلَسْتِ مِنَ الْآخَرِينَ وَفِي رِوَايَةِ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ فِي الثَّانِيَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا مِنْهُمْ قَالَ لَا قُلْتُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَقَالَ مِثْلَهَا أَنَّ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ أَيْضًا وَلَكِنْ رِوَايَةُ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ إِنَّمَا غَزَتْ فِي الْبَرِّ لِقولِهِ يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصر وَقد حكى بن التِّينِ أَنَّ الثَّانِيَةَ وَرَدَتْ فِي غَزَاةِ الْبَرِّ وَأَقَرَّهُ وَعَلَى هَذَا يُحْتَاجُ إِلَى حَمْلِ الْمِثْلِيَّةِ فِي الْخَبَرِ عَلَى مُعْظَمِ مَا اشْتَرَكَتْ فِيهِ الطَّائِفَتَانِ لَا خُصُوصِ رُكُوبِ الْبَحْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ غَزَوْا مَدِينَةَ قَيْصَرَ رَكِبُوا الْبَحْرَ إِلَيْهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ المُرَاد مَا حكى بن التِّينِ فَتَكُونُ الْأَوَّلِيَّةُ مَعَ كَوْنِهَا فِي الْبَرِّ مُقَيَّدَةً بِقَصْدِ مَدِينَةِ قَيْصَرَ وَإِلَّا فَقَدْ غَزَوْا قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْبَرِّ مِرَارًا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْأُولَى فِي أَوَّلِ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ مِنَ التَّابِعِينَ قُلْتُ بَلْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لَكِنْ مُعْظَمُ الْأُولَى مِنَ الصَّحَابَةِ وَالثَّانِيَةُ بِالْعَكْسِ وَقَالَ عِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ فِي السِّيَاقِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ رُؤْيَاهُ الْأُولَى وَأَنَّ فِي كُلِّ نَوْمَةٍ عَرَضَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْغُزَاةِ وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ حَرَامٍ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ فَلِظَنِّهَا أَنَّ الثَّانِيَةَ تُسَاوِي الْأُولَى فِي الْمَرْتَبَةِ فَسَأَلَتْ ثَانِيًا لِيَتَضَاعَفَ لَهَا الْأَجْرُ لَا أَنَّهَا شَكَّتْ فِي إِجَابَةَ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَفِي جَزْمِهِ بِذَلِكَ قُلْتُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ إِجَابَةِ دُعَائِهِ وَجَزْمِهِ بِأَنَّهَا مِنَ الْأَوَّلِينَ وَبَيْنَ سُؤَالِهَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْآخِرِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعِ التَّصْرِيحُ لَهَا أَنَّهَا تَمُوتُ قَبْلَ زَمَانِ الْغَزْوَةِ الثَّانِيَةِ فَجَوَّزَتْ أَنَّهَا تُدْرِكُهَا فَتَغْزُو مَعَهُمْ وَيَحْصُلُ لَهَا أَجْرُ الْفَرِيقَيْنِ فَأَعْلَمَهَا أَنَّهَا لَا تُدْرِكُ زَمَانَ الْغَزْوَةِ الثَّانِيَةِ فَكَانَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلُ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي طُوَالَةَ فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْمُهَا فِي بَابِ غَزْوَةِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ يُسْرِعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي رَكِبَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ لِلْغَزْوِ أَوَّلًا وَأَنَّهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةُ يَوْمئِذٍ أَمِيرُ الشَّامِ وَظَاهِرُ سِيَاقِ الْخَبَرِ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدِ اغْتَرَّ بِظَاهِرِهِ بَعْضُ النَّاسِ فَوَهَمَ فَإِنَّ الْقِصَّةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي حَقِّ أَوَّلِ مَنْ يَغْزُو فِي الْبَحْرِ وَكَانَ عُمَرُ يَنْهَى عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ اسْتَأْذَنَهُ مُعَاوِيَةُ فِي الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ فَأَذِنَ لَهُ وَنَقَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ وَيَكْفِي فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ فِي الصَّحِيحِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَوَّلَ مَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْبَحْرِ وَنُقِلَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ مُعَاوِيَةُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَكَانَ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَلَمْ يَزَلْ بِعُثْمَانَ حَتَّى أَذِنَ لَهُ وَقَالَ لَا تَنْتَخِبْ أَحَدًا بَلْ مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ فِيهِ طَائِعًا فَأَعِنْهُ فَفَعَلَ وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ فِي تَارِيخِهِ فِي حَوَادِثِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ الْبَحْرَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فَاخِتَةُ بِنْتُ قَرَظَةَ وَمَعَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَرَامٍ وَأَرَّخَهَا فِي سَنَةِ ثَمَان وَعشْرين غير وَاحِد وَبِه جزم بن أَبِي حَاتِمٍ وَأَرَّخَهَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ قَالَ كَانَتْ فِيهِ غَزَاةُ قُبْرُسَ الْأُولَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015