وَأَبُو عوَانَة وبن حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ وَنقل بن الْعَرَبِيِّ عَنْ بَعْضِ الْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ كَرِهَ الِاتِّكَاءَ وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ فِيهِ رَاحَةً كَالِاسْتِنَادِ وَالِاحْتِبَاءِ قَوْلُهُ وَقَالَ خَبَّابٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ مُوَحدَة أَيْضا هُوَ بن الْأَرَتِّ الصَّحَابِيُّ وَهَذَا الْقَدْرُ الْمُعَلَّقُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لَهُ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ فِي أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَأَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ لِقولِهِ فِيهِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْأَدَبِ وَوَرَدَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ لما قَالَ أَيّكُم بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالُوا ذَلِكَ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ قَالَ الْمُهَلَّبُ يَجُوزُ لِلْعَالِمِ وَالْمُفْتِي وَالْإِمَامِ الِاتِّكَاءُ فِي مَجْلِسِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ لِأَلَمٍ يَجِدُهُ فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ أَوْ لِرَاحَةٍ يَرْتَفِقُ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ ذَلِك فِي عَامَّة جُلُوسه

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ لِحَاجَةٍ)

أَيْ لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَصْدٍ أَيْ لِأَجْلِ قَصْدِ شَيْءٍ مَعْرُوفٍ وَالْقَصْدُ هُنَا بِمَعْنَى الْمَقْصُودِ أَيْ أَسْرَعَ لِأَمْرِ الْمَقْصُودِ ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ جَوَازُ إِسْرَاعِ الْإِمَامِ فِي حَاجَتِهِ وَقَدْ جَاءَ أَنَّ إِسْرَاعَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي دُخُولِهِ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ صَدَقَةٍ أَحَبَّ أَنْ يُفَرِّقَهَا فِي وَقْتِهِ قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ مُتَّصِلٌ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ هُنَاكَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا تَامًّا وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ فِي التَّرْجَمَةِ لِحَاجَةٍ أَوْ قَصْدٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّهُ كَانَ لِتِلْكَ الْحَاجَةِ الْخَاصَّةِ فَيُشْعِرُ بِأَنَّ مَشْيَهُ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ كَانَ عَلَى هِينَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ تَعَجَّبُوا مِنْ إِسْرَاعِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ عَادَتِهِ فَحَاصِلُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْإِسْرَاعَ فِي الْمَشْيِ إِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا وَقَدْ أَخْرَجَ بن الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ أَنَّ مِشْيَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مِشْيَةَ السُّوقِيِّ لَا الْعَاجِزِ وَلَا الْكَسْلَانِ وَأَخْرَجَ أَيْضا كَانَ بن عُمَرَ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ وَيَقُولُ هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الزَّهْوِ وَأَسْرَعُ فِي الْحَاجَةِ قَالَ غَيْرُهُ وَفِيهِ اشْتِغَالٌ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي التشاغل بِهِ وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ الْمَشْيُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ هُوَ السُّنَّةُ إِسْرَاعًا وَبُطْئًا لَا التَّصَنُّعُ فِيهِ وَلَا التَّهَوُّرُ قَوْلُهُ بَابُ السَّرِيرِ بِمُهْمَلَاتٍ وَزْنَ عَظِيمٍ مَعْرُوفٌ ذَكَرَ الرَّاغِبُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّرُورِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لِأُولِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015