وَلِلْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ وَحَيْثُ لَا يَنْفَرِدُ أَوْ يَشْتَغِلُ بِمَا يَلْزَمهُ وَمِنْ رُؤْيَةِ الْمَنَاكِيرِ وَتَعْطِيلِ الْمَعَارِفِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ عِنْدَ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَعْصِيَةِ وَكَذَا يَتَعَرَّضُ لِمَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَثُرَ ذَلِكَ فَيَعْجِزُ عَنِ الرَّدِّ عَلَى كُلِّ مَارٍّ وَرَدُّهُ فَرْضٌ فَيَأْثَمُ وَالْمَرْءُ مَأْمُورٌ بِأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْفِتَنِ وَإِلْزَامِ نَفْسِهِ مَا لَعَلَّهُ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَنَدَبَهُمُ الشَّارِعُ إِلَى تَرْكِ الْجُلُوسِ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ فَلَمَّا ذَكَرُوا لَهُ ضَرُورَتَهُمْ إِلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصَالِحِ مِنْ تَعَاهُدِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَمُذَاكَرَتِهِمْ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَمَصَالِحِ الدُّنْيَا وَتَرْوِيحِ النُّفُوسِ بِالْمُحَادَثَةِ فِي الْمُبَاحِ دَلَّهُمْ عَلَى مَا يُزِيلُ الْمَفْسَدَةَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ وَلِكُلٍّ مِنَ الْآدَابِ الْمَذْكُورَةِ شَوَاهِدُ فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى فَأَمَّا إِفْشَاءُ السَّلَامِ فَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ وَأَمَّا إِحْسَانُ الْكَلَامِ فَقَالَ عِيَاضٌ فِيهِ نَدْبٌ إِلَى حُسْنِ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَإِنَّ الْجَالِسَ عَلَى الطَّرِيقِ يَمُرُّ بِهِ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِمْ وَوَجْهِ طُرُقِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ يَتَلَقَّاهُمْ بِالْجَمِيلِ مِنَ الْكَلَامِ وَلَا يَتَلَقَّاهُمْ بِالضَّجَرِ وَخُشُونَةِ اللَّفْظِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ كَفِّ الْأَذَى قُلْتُ وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ هَانِئٍ رَفَعَهُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْجَنَّةِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَحُسْنُ الْكَلَامِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَفَعَهُ فِي الْجَنَّةِ غُرَفٌ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ الْحَدِيثَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَفَعَهُ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدٌ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَأَمَّا تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فَمَضَى مَبْسُوطًا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَدَبِ وَأَمَّا رَدُّ السَّلَامِ فَسَيَأْتِي أَيْضًا قَرِيبًا وَأَمَّا الْمُعَاوَنَةُ عَلَى الْحَمْلِ فَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُهُ عَلَيْهَا وَيَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةً وَأَمَّا إِعَانَةُ الْمَظْلُومِ فَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ قَرِيبًا وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ وَأَمَّا إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ فَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِيهِ وَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةَ الملهوف وَفِي حَدِيث أبي ذَر عِنْد بن حِبَّانَ وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ وَأَخْرَجَ الْمُرْهِبِيُّ فِي الْعِلْمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ فِي حَدِيثِ وَاللَّهُ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَصْلَحَ مِنْهُ وَاللَّهُ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ وَأما إرشاد السَّبِيل فروى التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ صَدَقَةٌ وَلِلْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ رَفَعَهُ مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةً أَوْ هَدَّى زُقَاقًا كَانَ لَهُ عِدْلُ عِتْقِ نَسَمَةٍ وَهَدَّى بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ وَالزُّقَاقُ بِضَمِّ الزَّايِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ وَآخِرَهُ قَافٌ مَعْرُوفٌ وَالْمُرَادُ مَنْ دَلَّ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ عَلَيْهِ إِذَا احْتَاجَ إِلَى دُخُوله وَفِي حَدِيث أبي ذَر عِنْد بن حِبَّانَ وَيُسْمِعُ الْأَصَمَّ وَيَهْدِي الْأَعْمَى وَيَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ وَأَمَّا هِدَايَةُ الْحَيْرَانِ فَلَهُ شَاهِدٌ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَفِيهِمَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْمَذْكُورِ قَرِيبًا وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَأَمَّا كَفُّ الْأَذَى فَالْمُرَادُ بِهِ كَفُّ الْأَذَى عَنِ الْمَارَّةِ بِأَنْ لَا يَجْلِسَ حَيْثُ يَضِيقُ عَلَيْهِمُ الطَّرِيقُ أَوْ عَلَى بَابِ مَنْزِلِ مَنْ يَتَأَذَّى بِجُلُوسِهِ عَلَيْهِ أَوْ حَيْثُ يَكْشِفُ عِيَالَهُ أَوْ مَا يُرِيدُ التَّسَتُّرَ بِهِ مِنْ حَالِهِ قَالَهُ عِيَاضٌ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كَفَّ أَذَى النَّاسِ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ فَكُفَّ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا لَكَ الصَّدَقَةُ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ وَأَمَّا غَضُّ الْبَصَرِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ وَأَمَّا كَثْرَةُ ذِكْرِ اللَّهِ فَفِيهِ عدَّة أَحَادِيث يَأْتِي بَعْضهَا فِي الدَّعْوَات