أَنَّ الْمُجَاهِرَ بِالْفِسْقِ وَالشَّرِّ لَا يَكُونُ مَا يُذْكَرُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ وَرَائِهِ مِنَ الْغِيبَةِ الْمَذْمُومَةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ تُبَاحُ الْغِيبَةُ فِي كُلِّ غَرَضٍ صَحِيحٍ شَرْعًا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ طَرِيقًا إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ بِهَا كَالتَّظَلُّمِ وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَالِاسْتِفْتَاءِ وَالْمُحَاكَمَةِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الشَّرِّ وَيَدْخُلُ فِيهِ تَجْرِيحُ الرُّوَاةِ وَالشُّهُودِ وَإِعْلَامُ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ بِسِيرَةِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَجَوَابُ الِاسْتِشَارَةِ فِي نِكَاحٍ أَوْ عَقْدٍ مِنَ الْعُقُودِ وَكَذَا مَنْ رَأَى مُتَفَقِّهًا يَتَرَدَّدُ إِلَى مُبْتَدِعٍ أَوْ فَاسِقٍ وَيُخَافُ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَمِمَّنْ تَجُوزُ غِيبَتُهُمْ مَنْ يَتَجَاهَرُ بِالْفِسْقِ أَوِ الظُّلْمِ أَوِ الْبِدْعَةِ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي ضَابِطِ الْغِيبَةِ وَلَيْسَ بِغِيبَةٍ مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ فيستثنى أَيْضا وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ النَّمِيمَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ)

سَقَطَ لَفْظُ بَابِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحده ذكر فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْقَبْرَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي سِيَاقِهِ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَقد صحّح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ وَكَانَ الْآخَرُ يُؤْذِي النَّاسَ بِلِسَانِهِ وَيَمْشِي بَيْنَهُمْ بِالنَّمِيمَةِ لَطِيفَةٌ أَبْدَى بَعْضُهُمْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ مُنَاسبَة وَهِي أَن البرزخ مُقَدّمَة الْآخِرَة وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الصَّلَاةُ وَمِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الدِّمَاءُ وَمِفْتَاحُ الصَّلَاةِ التَّطَهُّرُ مِنَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَمِفْتَاحُ الدِّمَاءِ الْغِيبَةُ وَالسَّعْيُ بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ بِنَشْرِ الْفِتَن الَّتِي يسفك بِسَبَبِهَا الدِّمَاء قَوْلُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّمِيمَةِ كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى بَعْضِ الْقَوْلِ الْمَنْقُولِ عَلَى جِهَةِ الْإِفْسَادِ يَجُوزُ إِذَا كَانَ الْمَقُولُ فِيهِ كَافِرًا مَثَلًا كَمَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ وَنَقْلُ مَا يَضُرُّهُمْ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى هماز مشاء بنميم قَالَ الرَّاغِبُ هَمْزُ الْإِنْسَانِ اغْتِيَابُهُ وَالنَّمُّ إِظْهَارُ الْحَدِيثِ بِالْوِشَايَةِ وَأَصْلُ النَّمِيمَةِ الْهَمْسُ وَالْحَرَكَةُ قَوْلُهُ ويل لكل همزَة لُمزَة يَهْمِزُ وَيَلْمِزُ وَيَعِيبُ وَاحِدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيَغْتَابُ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ وَأَظُنُّهُ تَصْحِيفًا وَالْهُمَزَةُ الَّذِي يَكْثُرُ مِنْهُ الْهَمْز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015